"بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أيها المواطنون،
أيتها المواطنات،
يشرفني، ويسعدني كثيرا، أن أتوجه إليكم، بأحر التهاني، وأطيب التمنيات، بمناسبة احتفائنا، غدا، بالذكرى التاسعة والخمسين لعيد استقلالنا الوطني.
إن هذه المناسبة، المشبعة بمعاني العزة والشموخ، تخلد ذكرى لحظة تحول حاسم في المسار التاريخي العامل شعبنا الأبي: لحظة جلاء المستعمر، ونشوء الجمهورية الإسلامية الموريتانية، كدولة بالمفهوم الحديث. وهي، بهذا الاعتبار، فرصة ثمينة لنستحضر، معا، ونمجد، عرفانا بالجميل:
-أبطال المقاومة الوطنية، بشقيها، المسلح والثقافي، الذين واجهوا المحتل، بالبندقية والسيف، والفكر و القلم، حتي انكسر غزوه العسكري انكسارغزوه الفكري الثقافي،
- وكافة أفراد قواتنا المسلحة و قوات أمننا، ضباطا ، وضباط صف، وجنودا، فقد بذلوا تضحيات جسيمة في سبيل صيانة الاستقلال، بالذب عن حوزتنا الترابية، وإحراز ما ننعم به اليوم، من أمن وسلام، رغم اضطراب محيطنا الإقليمي.
- و كذلك سائر الذين ساهموا، كل بقدر ما وسعه، و بحسب ما أداه إليه اجتهاده، في تشييد دولتنا المعاصرة، و الارتقاء بها إلى المستوى الذي هي عليه اليوم.
فتحية إكرام وتقدير للجميع.
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
إن للاستقلال معان كثيرة، وسياقات متعددة: فهو سياسي، بالموقف والقرار، وثقافي، بحفظ الهوية واللسان، واقتصادي، بالتطوير والإنماء.
غير أن الشرط المبدئي لإمكان تحقيق كل هذه المعاني،هو توطيد الوحدة الوطنية بالعمل على تكاتف جهود كل أبناء الوطن، خدمة لازدهاره، في ظل شعور قوي بالمساواة، ووحدة الهوية والمصير، ترعاه الدولة بالعدل، والإنصاف، والتنمية الشاملة.
و لهذا، عملنا، منذ اللحظات الأولى من تولينا رئاسة الجمهورية، على تدعيم الوحدة الوطنية بتهدئة المناخ السياسي العام، وخلق جو من الثقة بالانفتاح على الجميع و التشاور مع كل الفرقاء السياسيين على اختلاف توجهاتهم، قناعة منا بأن بالإمكان أن تلعب كل من الموالاة و المعارضة دورها كاملا في جو من الثقة المتبادلة ترسيخا لنظامنا الديمقراطي الذي بلغ مرحلة كبيرة من النضج مكنته، مؤخرا، من تأمين انتقال سلس و شفاف للسلطة.
كما وجهنا الحكومة بالتركيز، في استراتيجياتها الهادفة إلى تنفيذ مقتضيات العقد الانتخابي الذي على أساسه نلنا ثقتكم،على ترسيخ العدالة وتقوية عوامل اللحمة الاجتماعية بمكافحة الفقر والتهميش والغبن.
و في هذا السياق اكتملت مؤخرا مشاريع النصوص القانونية المنشئة لمندوبية عامة، تتبع رئاسة الجمهورية مباشرة، يعهد إليها بتسيير كل البرامج و المشاريع المتعلقة بمكافحة الفقر و الهشاشة . و قد رصدت لها، على مدى السنوات الخمس المقبلة ميزانية تقدر ب200 مليار أوقية قديمة، وسيتم إنشاؤها في الأيام القليلة القادمة .كما يجري العمل على إنشاء مجلس رئاسي لمتابعة السياسات الاجتماعية، سيتكفل بالمتابعة الدقيقة و المنتظمة لمستوى نجاعة وفاعلية تنفيذ هذه السياسات في محاربتها للفقر و الغبن والهشاشة وفى تحسينها لجودة الخدمات الأساسية.
وقد تم العمل، كذلك، على تقريب الخدمة القضائية من المواطنين بتفعيل مبدأ المساعدة القضائية. وفتحت لهذا الغرض مكاتب في كل الولايات بحيث يتاح لكل متقاض، في أي ولاية كان، إن ثبت عجزه الكلي عن التكفل بأعباء محام، أن يعين له،محام، مجانا، يعينه على استيفاء حقوقه بالدفاععنه أمام المحكمة. وقد رصدت في ميزانية 2020 المبالغ الضرورية لتغطية الأعباء المترتبة على هذه المساعدة القضائية. كما يجري العمل علي تنفيذ استراتيجية متكاملة تهدف إلي تقوية القضاء و تعزيز استقلاليته وترسيخ دولة القانون.
ودائما في سياق تقريب الخدمة من المواطن، استحدثت آلية إدارية تحت مسمي ‘خدماتي’ تهدف الي الرد السريع علي طلبات واستفسارات المواطنين و تمكنهم من متابعة معالجة ملفاتهم .وسينطلق نشاطها الأسبوع المقبل، في وزارة النقل، أولا، علي أن تعم سائر القطاعات تباعا.
وعلى هذه الوتيرة المتسارعة يجرى العمل في سائر القطاعات الحكومية سعيا إلى تحقيق تعهداتنا في مختلف المجالات.
ففي قطاع التعليمبوشرت عملية سد النقص الحاصل في المعلمين والأساتذة ودعم المتابعة والتأطير التربوي في الوقت الذي يجري فيه العمل على إعداد خطة إصلاحية شاملة تهدف إلى وضع أسس مدرسة جمهورية جامعة، والرفع من مستوى جودة التعليم، وإنشاء مجلس أعلى للتهذيب وسلطة عليا لرقابة جودة الخدمة التعليمية في مختلف جوانبها.
وقد أنجز قطاع الاقتصاد، كذلك، عملا بالغ الأهمية على صعيد تعبئة الموارد المالية، حيث تم التوقيع مع شركائنا في التنمية في الأشهر الثلاثة المنصرمة، على اتفاقيات تمويل، ستساعد، على نحو ملحوظ، في تطوير الزراعة والتنمية الحيوانية، والصيد، وترقية الموارد البشرية. و يجري ، في ذات الوقت، الإعداد لإنشاء مجلس أعلى للاستثمار سيساهم في العمل على تحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات، ودعم الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.
و إجمالا، فإن قاطرة تنفيذ برنامجنا الانتخابي قد انطلقت. وسأصر على أن تظل في تسارع مستمر، لأنني على أتم الإدراك بحجم تطلعاتكم، وآمالكم، ولأنني مصمم على الوفاء بما تعهدت به.
عشتم وعاشت موريتانيا حرة مزدهرة آمنة.
أشكركم والسلام عليكم و رحمة الله تعلى وبركاته".