الحقد السياسي الأعمى الذي تجلت أبشع صوره في الحرب على سوريا، والذي لم يكتفي بالقتل والإبادة للشعب السوري عبر جماعاته الإرهابية، بل نصّب مسؤوليه في كل المحافل الدولية للنيل من الدولة السورية، عبر إصدار قوانين وقرارات معادية للشعب السوري وحلفائه.
إعتمدت الإدارة الامريكية خلال سنوات الحرب على سوريا، إستخدام كافة الملفات التي انشأتها لتقويض إنتصار الجيش العربي السوري والقيادة السورية والشعب السوري، ابتداءً من ملف اللاجئين والنازحين السوريين، إلى ذريعة استخدام الأسلحة المحظورة عالمياً، وانتهاءً بحملة القلم الإنساني.
صُنعت المشاهد الإرهابية بكافة أشكالها ورسمتها وفق متطلبات المرحلة السياسية منها والعسكرية، وذلك عبر ممثلين لها على الساحة السورية كأدواتها الإرهابية، وعلى ساحات ومنصات أروقتها الغربية كالكونغرس الأمريكي ومجلس الأمن، لتُصدر ما يسمى قانون “سيزر”. فقد أقّر مجلس الشيوخ الامريكي منذ 18/1/2019، حُزمة وثائق وتشريعات بينها قانون سيزر القديم المتجدد، الذي ينص على فرض عقوبات على سوريا وعلى الجهات التي تدعم العمليات العسكرية للجيش السوري، وخاصة روسيا وإيران، وذلك لمنع أي انتصار عسكري لسوريا وحلفائها.
حصار اقتصادي خانق نفذته الولايات المتحدة على سوريا وروسيا وإيران، عبر الحجز على صادراتها وبنوكها، وطالت العقوبات الاقتصادية الأفراد من سياسيين ورجال أعمال ومغتربين.
وبعد أن أفرغت واشنطن والغرب جميع أوراقهم السياسية، قدمت مشروع قرار يسمى “حملة القلم الإنساني” إلى مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سوريا، في محاولة لإظهار الدولة السورية عاجزة عن تقديم المساعدات إلى المتضررين من الحرب الإرهابية عليها، ورغم تأكيد المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، ومركز إيواء اللاجئين بعودة الألاف من اللاجئين السوريين إلى مناطقهم التي دُحر منها الإرهاب، إلا أن الغاية السياسية للإدارة الأمريكية هي إفشال أي انتصار سوري، فمسألة إيصال المساعدات الإنسانية عن طريق الحدود، ينم عن دوافع مُبيته للدولة السورية لتحجيم وعدم احترام السيادة الوطنية السورية، فضلا عن استمرار تقديم الدعم للجماعات الإرهابية، خاصة أن الكثير من التقارير التي قدمتها الدولة السورية للمنظمات الدولية، تؤكد بأن بعض المساعدات الأمريكية والغربية التي تصل إلى سوريا، قد احتوت بعضها على شحنات أسلحة، وتم إيصالها إلى الفصائل التي تعمل تحت العباءة الأمريكية.
في السياق، أكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الوزير المستشار الدكتور لؤي فلوح رفض سورية مشروع القرار المقدم مما يسمى “حملة القلم الإنساني” إلى مجلس الأمن حول الوضع الإنساني فيها لأنه بعيد كلياً عن الأهداف الإنسانية المفترضة فيه مشدداً على أن المبدأ الرئيسي الراسخ في العمل الإنساني يتمثل باحترام السيادة الوطنية وهو ما تؤكد عليه قرارات مجلس الأمن الخاصة بسورية.
وأوضح فلوح خلال جلسة لمجلس الأمن أن سورية بذلت على مدى السنوات الماضية جهوداً كبيرة بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة ومع الشركاء الإنسانيين المحليين والدوليين المعتمدين لضمان استمرار توفير الخدمات الأساسية وتقديم المساعدات الإنسانية لجميع مواطنيها لافتاً إلى أن هذه الجهود بقيت تواجه تحديات كبيرة ترتبط بالإرهاب وبتصعيد حجم الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب السوري من دول لا تزال تتدخل في شؤون سورية بشكل هدام يعيق آفاق حل الأزمة ويعرقل القضاء على الإرهاب بشكل نهائي ويحرم الشعب السوري من القدرة على إعادة البناء والتعافي ويمنع عودة المهجرين إلى بيوتهم لممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
ومع محاولة ممثلي مكتب الامم المتحدة لتنسيق الإنسانية “أوتشا”، تضمين تقاريره الشهرية الكثير من التقييمات والبيانات المغلوطة، لأسباب سياسية بحتة، تتجلى في إطالة امد الحرب على سوريا، واستمرار التواجد غير الشرعي للقوات الأمريكية قرب حقول النفط السورية ونهب مواردها.
في النتيجة، على الرغم من الإنتصارات الكبيرة للجيش العربي السوري، إلا أن الغرب عموماً لا يريد الإعتراف بحقيقة ما يجري وجرى على الأرض السورية، رغم الوثائق والتقارير الكثيرة التي تُفند الحقائق وتبلورها. وعليه،هي منهجية الغرب لتحقيق الفوضى الاجتماعية والاقتصادية، لتصبح ساحة الشرق الاوسط مسرحاً للتجارب الحربية التي اوجدتها امريكا، ورأس الهرم فيها الإرهاب بكل اشكاله العسكري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
ربى يوسف شاهين