إعلان

تابعنا على فيسبوك

هل سيكون الرئيس السابق زعيم المعارضة ؟

خميس, 02/01/2020 - 21:40

في السياسة عندما لا تجد موقعك المناسب فعليك أن تختار بين خيارين لاثالث لهما اعتزال السياسة أو خوض غمارها من موقع تجد فيه ذاتك.
وقد تنطبق تلك القاعدة على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ، فلم يبق أمامه إلاهي.
هل سيعتزل السياسة وهو في أوج قدرته على ممارستها بما اكتسب من خبرة وعلاقات من مواقع متعددة ؛ فهو كان قائد الحرس الرئاسي الذي أعد الطبخة الانقلابية بطريقته عام 2005 ؛ ووزعها على صحون شركائه طوعا وكرها ؛ وهو الذي أدار المراحل الحرجة لما قبل الانتخابات الرئاسية التي صعدت السيد سيدي ولد الشيخ عبد الله رئيسا عام 2007 ؛ وهو من أعاد فتح المطبخ الانقلابي بعد الإطاحة بمرشحه الرئاسي عام 2008؛ وأعاد إدارة إنتاج نسق ديمقراطي نصبه رئيسا منتخبا لمدة عشر سنوات من عام 2009 للعام 2019؛ وهو دون ريب من خطط جيدا لمرحلة مابعد خروجه من الرئاسة ؛ فكان صريحا في دعم ترشيح خلفه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
وكان جليا أن خطته السياسية بعد الخروج من سدة الحكم هي الشراكة السياسية مع رفيقه وصديقه الرئيس غزواني من عنوان حزب الاتحاد ؛ وكان يتوقع ان يكون ذلك سلسا ؛ فالحزب بقيادته سيكون جناح الرئيس السياسي لتنفيذ برنامج تعهداته دون أن يؤثر ذلك على سلطة الرئيس غزواني وقوتها.

كل ذلك تبخر فجأة ؛ وكأن دوائر الدولة العميقة كانت تحيك مؤامرة سرية لإقصاء عزيز بسرعة ومنعه من أي حضور سياسي مؤثر.
دارت عجلة الصراع السياسي بسرعة ؛ وتمت إعادة ترتيب أوراق حزب الاتحاد لتكون كلها لصالح الرئيس غزواني ؛ لكن ذلك لا يعني مصداقية المشهد ؛ فالمعلن من منصات الأحزاب الموريتانية غالبا ليس هو كل الحقيقة.
فهل سينسحب عزيز من المشهد السياسي في أول دورة صراع خسرها حسب مايبدو ؟
العارفون بطبيعة الرجل يرون ذلك مستحيلا؛ فهو سيخوض المعترك السياسي الوطني من موقع الخبير في طبقاته السياسية وسرعة تلونها ؛ وليس حزب الاتحاد هو حزبه الوحيد الذي أسس ؛ أو الذي لديه مفاتيحه الخفية ؛ فهناك أكثر من حزب وأكثر من ورقة سياسية يستطيع تحريكها أو اتخاذها عنوانا لإعادة تموضعه الجديد ؛ فخسارة معركة لاتعني خسارة الحرب إن أجاد القائد إدارة موارده جيدا ومراجعة خططه.
الرئيس السابق لايريد العودة لكرسي السلطة لأن الدستور يمنعه من ذلك ؛لكنه يطمح بقوة للتمسك بموقعه ضمن صناعة القرار السياسي؛ مع حافز جديد هو إبراز قدرته على إرباك نظام غزواني سياسيا  ؛ وهنا علينا توقع خط بياني لمستقبل الصراع بينه وبين الرئيس غزواني ؛ وهو خط بياني سيشهد صعودا وهبوطا قد يصل بالساحة السياسية لأقصى درجات الاحتقان، ولن تكون نتجية ذلك الاحتقان واضحة المعالم  قبل بروزها على شاشة الواقع .

الرئيس السابق في آخر مقابلة له أكد بلغة حاسمة إغلاق كل باب أمام فكرة المصالحة السياسية مع الرئيس غزواني ومع النخبة السياسية حوله ومع اركان الدولة الذين أداروا له ظهر المجن ؛ وذلك يعني مواجهة الجميع سياسيا بخطوات سياسية لاحقة يجري إعدادها؛ فما خلف لغة الرجل واضح ؛ فهو لن يزعزع الأمن ؛ ولن يخالف القوانين ؛ لكنه سيمارس حقوقه التي يكفلها له القانون.

فهل سيكون ذلك عبر حزب أو تحالف جديد سيتم بناؤه ؟
أتوقع ذلك ؛ لكن ذلك سيدفع الدولة لاتخاذ سلسلة من الإجراءات ضد الرئيس السابق كثيرا ما كان هو يتخذها ضد الخصوم ؛ وقد ترتفع وتيرتها حسب مستوى ضغط الرئيس السابق عليهم ، وربما تصل لحد تجميد أو مصادرة بعض أملاكه ؛ وقد ترتفع وتيرة الصراع معه لدرجة تحريك قضايا معقدة ضده وضد ثلة من رجال الأعمال الذين صنعهم .
ولاشك أن الرئيس السابق يستطيع استقطاب طيف وطني واسع التنوع في ظل الانتهازية السياسية السائدة ؛ وكثرة المغاضبين لحزب الاتحاد وللرئيس غزواني.

وبذلك يتضح لنا ان مستوى التأزيم سيكون حسب ما قد يحدثه الرئيس السابق من بلبلة سياسية لإثبات حضوره المؤثر في الساحة.

هل من نصيحة للرئيس السابق ؟

شخصيا أذكره بما يعرف جيدا من جشع النخبة السياسية وانعدام مصداقيتها طلبا للمال ؛ وتوظيفه لثروته الشخصية في الصراع السياسي سيعني شيئا واحدا هو استنزاف ثروته دون جدوى .
ولاشك إنه يستطيع خلق احتقان مؤثر على الوضع لكن ذلك في المحصلة لايخدم بلدنا ؛ ولايخدم طموحه هو.

إن المسار الصدامي مع خصومه يمنحهم فرصا قد تتطور لتحقيق هدف اجتثاث مالي وسياسي له؛ فالصراع السياسي في بلدنا بلاقيم في الغالب.
هل من نصيحة للرئيس غزواني.

إن تدشين صراع سلبي جديد في البلد مع رفيق الأمس بلاجدوى؛ وسيفتح الواقع على احتمالات كلها سلبية اقتصاديا وسياسيا وأمنيا ؛ ويعود ببلدنا لدورة صراع الثمانينات بين نخبة الجيش والنخب المدنية ؛ ويضيع حلم تحقيق تعهداتكم في ضجيج المبادارات وبيانات المؤازرة الكاذبة.
إن انعدام الثقة بين الرئيس غزواني والرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يعني انعدام الثقة بين جميع أركان الدولة من النخبة العسكرية ؛ وبينهم وبين النخب السياسية المدنية ؛ فأي ثمن سياسي قد ينتظره أنصار غزواني وهم يتابعون مسلسل إقصاء أكبر داعم له ؛ والذي اختاره بكل ثقة خلفا له؟

متى ينتهي تيه هذا الوطن ؟ 

سلم الله الوطن من كل مكروه

بقلم : عبد الله ولدبونا
الملقب : المصلي على الشفيع عليه الصلاة والسلام