إعلان

تابعنا على فيسبوك

في ذكراها: هل أحسن الإسلاميون"سياسة" الثورة..?

أربعاء, 15/01/2020 - 15:37

لم تكن ثورات الحرية والكرامة التي انطلقت من تونس قبل تسع سنوات ثورات سياسية مؤطرة بل كانت - كما الثورات دائما- انفجارا اجتماعيا غير متوقع في وجه أنظمة جمعت بين الاستبداد والفساد والتبعية لأعداء الأمة والاستهتار بقيمها وعقيدتها.
ولأن التيارات الاسلامية كانت أبرز معارضي الأنظمة التي  قامت في وجهها الثورة كان طبيعيا أن تكون طرفا رئيسا في قيادة الحالة الثورية وأن يتم اختيارها منفردة أو متقدمة لقيادة بلدان الثورة أو ما عرف ببلدان الربيع في المراحل الانتقالية التالية لهروب الطاغية أو تنحيه أوقتله لكن هل كانت تلك التيارات في مستوى الأمل الذي علقته عليها الجماهير الثائر وبلغة ابن زريق هل  يمكن أن نقول إنها أعطيت حكما فلم تحسن سياسته..؟
إن نطرة تقويمية شاملة لتعاطي الاسلاميين مع الثورات وما بعدها تسمح  بتسجيل ملاحظاتين جوهريتين أراهما جديرتين  بالتأمل من أبناء الحركة الاسلامية قبل غيرهم من مناصري الثورات والمؤمنين بالعدل والحرية أيا تكن مرجعياتهم الفكرية وتموقعاتهم السياسية
 - كان جليا أن الكسب الذي حققه الاسلاميون في العقود الماضية في المجالات الدعوية والاجتماعية والتربوية والثقافية لم يصاحبه  وعي سياسي وخبرة إدارية  وقدرات إعلامية وهو ما تجلى ارتباكا بينا منذ اللحظة الأولى في تقدير الموقف السياسي المناسب وامتلاك الخبرة السياسية والادارية الضرورية لانفاذ استحقاقات قيادة المرحلة ،إضافة إلى فقدان الحامية الإعلامية القادرة على التصدي لعمليات الانزال الشاملة التي قامت بها قوى الثورة المضادة ضدهم.
 - ركز الاسلاميون خلال عقود جهودا متعددة تربوية وفكرية وعملية لتطببع وجودهم في الحياة السياسية في بلدانهم، وهو منحى زادت حدته والصرامة في اظهاره خلال العقد الذي سبق الثورات؛ عقد ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، وقد نجم عن هذا التراكم التربوي والفكري حالة إسلامية موغلة في الاصلاحية تتحرك بأسقف شديدة الانخفاص، وبينما كانت هذه الحالة تصل مداها انفجرت الثورات  ليجد هؤلاء أنفسهم في قمرة القيادة  وكلما في حوزتهم أدوات تفكير نمت وترعرعت في بيئة الهامش الاستبدادي والهاجس الارهابي فكانت إدارة الحالة الثورية بتلك الأدوات الشاحبة أكبر خطأ  وقع فيه الاسلاميون في قيادة الثورات إنه في الواقع خطأ على ضفاف الخطيئة.
 ولأن الحركات الاسلامية برغم الملاحظتين السابقتين وبرغم ملاحظات أخرى  تمثل مكونا رئيسا في القوى الثورية في الأمة اليوم لابد أن تكون ذكرى الثورات فرصة لها لتقوم بنقد ذاتي جريئ لمسارها بل ولتستفيد من سيل النقد الجارف القادم من كل اتجاه فكون الغالب على منابعه العداء والمناكفة والصلف لايمنع أن يحمل بين أمواجه بعض اللولؤ والصدف.

احمد الوديعة