إعلان

تابعنا على فيسبوك

عن التعليم الوطني

ثلاثاء, 11/02/2020 - 12:38

التعليم الوطني المنبثق عن التعليم الذي أرسى المستعمر دعائمه، وذلك أمر طبيعي و مألوف في الدول الخارجة للتو من الاستعمار... ورغم ذلك وُلِد ووُجِد... وجد في فضاء تحدُّه ثنائية (الأصالة والمعاصرة أو الحداثة) ... الأصالة المتولدة من (المحظرة) والتعليم الأصلي، والمعاصرة الوافدة مع المستعمر وأدواته ... هذا الفضاء خلق جيلا بثلاثة أبعاد لا تلتقي إلا في النقطة الميتة(0):
ـ جيل يدعو لعصرنة منبثقة من أصالته، يعتمد العربية لغة( أمًّا) ويستقبل من خلالها علوم عصرِه ومعارفَه...
ـ جيل يتهرب من لغته الأم، آخذا بالعصرنة والحداثة، وراميا بالهُوية عرض الحائط ... وهو الجيل الذي تربى على يد المستعمر وأخذ عنه ما أخذ، وفي ظنه أنه يفقد مصالحه ووظائفه بمجرد التخلي عن ثقافته ... 
ـ وجيل ثالث يدعي أن الفرنسية أبقى له إثْنيا أو عرقيا من العربية، ففضل الإبقاء عليها كنمط من أنماط الصراع مع الوجود والبقاء ...
وفي علاجات عشوائية وانتقائية لهذا الإشكال، صيغت عدة (ارتجالات) ولا أسميها (إصلاحات).
هذه (الارتجالات)، رسَّخت تعليما طائفيا، بخلق مجتمعين متمايزين ومختلفين، تتسع الهوَّة بينهما باتساع المدينة وضواحيها، وباتساع الدولة ومكوناتها...فكان (الارتجال) الأخير، الذي حاول خلق تعليم يرضي هذه الأطراف أو الأجيال، ... فكانت الصيغة التي نعيشها الآن... 
لكنها صيغة تبين ضعفها واختلالها، إذ لم نوفق، لا في بلوغ القصد من مقاربة الكفايات، ولا في توفير لغة، يستقبل بها الطالب معارفه ويستوعبها...
وفعلا، فغياب اللغة، التي عبرها، يدرك الطفل الطبيعة من حوله، ويدرك الأشياء التي تكوِّن في ذهنه وعيَ الأمور وإدراكَها ، لايجعل التلميذ يشكل ويكون الرصيد المعرفي المتوخى...و فضلا عن ذلك، فقدان قدرة التعليم المتوسط على توفير حاجيات ومتطلبات السوق المحلية، لأن الطالب يظل متصفا بصفة الجهل حتى يتجاوز البكالوريا ....
تلك إذا هي الإشكالية، إشكالية فنية تعليمية، يعانيها جيل، لا يتقن، لا العربية، ولا الفرنسية، ويفتقد المهارات المتوسطة، لسد حاجيات ومتطلبات السوق ...
( فلا غرابة أن تراه يخلق لغة جديدة في رمزها وتعبيرها....)
إلى هنا، يحصل العائق الأول، مشكل اللغة واللغة الأم تحديدا... وهذا إشكال لا يعالج، لا سياسيا ولا اجتماعيا، وإنما يعالج فقط فنيا ومهنيا...
وهذا لا يعني ـ بحال من الأحوال ـ التخلي عن اللغات الأجنبية، بل مطالب بها وبالتحصيل بها، لكن وفق آليات تضمن ذلك، كأن تفرض إلزامية الخروج من الإعدادية بمعرفة الفرنسية معرفة تامة،، وتفرض إلزامية الخروج من الثانوية بمعرفة الانجليزية معرفة تامة...
يضاف إلى هذا العائق، جملة أخرى من العوائق، كضياع الطفل في هذا الجو الموبوء بالإعلام التواصلي بمختلف أنواعه (قنوات، هواتف، أصدقاء، ... ) مما لا نتحكم في اتنتقائه واستغلاله لسرعة تغلغله وقدرة تأثيره ... فلا الأسرة قادرة على دورها التوجيهي والرقابي الطبيعي، إذ توقف دورها على توفير المصاريف، ولا المدرسة قادرة على توفير البئة التي تستوعب الطالب وهمومه، ولا المؤطر بأحسن حال منهما، سواء في الكفاءة والمهنية، أو في الراحة النفسية معنويا وماديا ..
نحن فعلا في إشكال تربوي متعدد الأبعاد ...

أحمدو الشاش