تحاول هذه الورقة المساهمة - ولو بشكل جزئي - في النقاش الدائر حول تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، وذلك من خلال استعراض بعض نجاحات التقرير في نقطة أولى، وإخفاقاته في نقطة ثانية:
أولا: نجاحات التقرير:
رغم جميع الإكراهات التي واجهت لجنة التحقيق، فإن التقرير قد نجح في:
- على المستوى البنائي: تميز التقرير بالفنية والبساطة، الأمر الذي ساعد على أن الجميع باستطاعته الاستفادة من التقرير ومتابعته.
- على المستوى القانوني: استطاع التقرير الإحاطة بالإطار القانوني الذي يؤطر مجال التحقيق، وأشفع ذلك بملاحظات مهمة تضمنت الإصلاحات التي يجب أن تدخل على الإطار القانوني الذي يحكم الفساد من أجل مزيد من الفعالية.
ثانيا: إخفاقات التقرير:
رغم النجاحات التي حققها التقرير فإن ذلك يبقى منقوصا نتيجة إخفاقات نذكر منها:
- على المستوى البنائي: أن التقرير تضمن فروقا شاسعة بين نسخته بالعربية ونسخته بالفرنسية ـ تشكل إخفاقا ـ نذكر منها:
- في ملف جزيرة التيدره، حيث تضمنت النسخة الفرنسية النص عليها، بينما لم تتضمنها النسخة العربية؛ وهذا هو الصواب، لأن جزيرة التيدره لم يصادق عليها البرلمان بعد، وبالتالي فإن نشرها قبل المصادقة عليها يعتبر خطأ كبير يشكل أحد أهم إخفاقات التقرير.
- في ملف بيع العقارات جاء في النسخة الفرنسية أن من ضمن المسؤولين عن الملف الوزير الأول، وزير المالية، بينما جاء في النسخة العربية أن المسؤولين عن الملف هم: مجلس الوزراء، ووزير المالية... لأن بيع هذه العقارات صادق عليه مجلس الوزراء، وهذا هو الصواب، لكن يجب التنبيه أن بيع هذه العقارات يعرض على مجلس الوزراء في شكل بيانات مقدمة من طرف القطاعات المعنية في إطار السياسة القطاعية، والمجلس يستمع لها فقط، وليست كالأعمال الأخرى التي يصادق عليها مثل الاتفاقيات ومشاريع القوانين والمراسيم، حيث نسمع دائما (صادق مجلس الوزراء على مشاريع القوانين والمراسيم التالية... واستمع إلى البيان أو البيانات التالية)
ويجدر التوضيح أيضا أن هذه البيانات تحال بعد استماع مجلس الوزراء إلى القطاع المعني، ليخضعها للنصوص القانونية التي تحكمها.
وللتوضيح، فإن مجلس الوزراء يرأسه رئيس الجمهورية بنص الدستور، ويمكنه تفويض ذلك للوزير الأول، وبالتالي فإن المسؤولية هنا تعود للقطاعات المعنية التي هي في الأخير من تصدر القرارات منها بالدرجة الأولى.
- على المستوى الفني: إن اعتماد لجنة التحقيق البرلمانية في عملها بشكل كبير على مكاتب الدراسات الأجنبية، شكل نقطة سلبية على تقريرها، ذلك أن هذه المكاتب راكمت تجربتها في بيئة مخالفة لبيئتنا، سواء من حيث طبيعة العمل الإداري، أو من حيث الأنظمة القانونية والاجتماعية، وبالتالي فمن غير العادل أن يكيف فعل خارج بيئته.
سعيد مبارك