اعتقال ولد عبد العزيز واستمرار سجنه، ليس بالأمر الهين، ورطة كبيرة للنظام الحالي ما لم يجد مبررا موضوعيا يقنع به الرأي الوطني والدولي!
١- يقول الدستور الموريتاني أن الرئيس لا يمكن مساألته على أمور فعلها خلال مزاولة للحكم، إذا لا يمكن مسألة ولد عبد العزيز على ما فعله خلال مأموريتيه الرئاسيتين بما في ذلك فساده طبقا للدستور المعمول به في بلادنا حتى اليوم. وينضاف لهذه الورطة أن ولد عبد العزيز ليس المسؤول الأول عن الفساد الذي افترفه في عهده، بل تقع المسؤولية الأولى على المسؤولين الحكوميين الذين نفذوا ووقعوا على الصفقات والتجاوزات التي استفاد منها ولد عبد العزيز وأفراد أسرته، وهؤلاء هم أولى بالتوفيق والمساءلة والمحاسبة طبقا لقوانين المالية العامة المعمول بها في البلد. إذا لا يمكن أن يوفق ولد عبد العزيز ويسأل إلا بعد توقيف ومساألة الموظفين الذين نفذوا الفساد ولو كان ذلك بأوامر من عزيز، إلا أن تكون تلك الأوامر مكتوبة وموقعة ومختومة من ولد عبد العزيز نفسه بصفته رئيس الدولة.
٢- أما الورطة الثانية هي توقيفه بتهمة زعزعة الأمن، فهذه أيضا لا بد لها من أدلة ولا بد من تقديم شركاء له في زعزعة الأمن وتوقيفهم معه. ونحن لحد الآن لم نعلم بتوقيف أي جهة أخرى شريكة لعزيز في تنفيذ خططه لزعزعة الأمن، وليس عزيز "رامبو" حتى يهدد الأمن وحده بمدفعه الرشاش وقنابله اليدوية!
قضية عزيز هي ورطة حقيقية، فلا يمكن توقيفه على خلفية أفعال قام بها في فترة حكمه ولو كانت فسادا وذلك طبقا لحصانته الدستورية. ولا يمكن أيضا توقيف ولد عبد العزيز بتهمة زعزعة الأمن من خلال مؤتمر صحفي كان يزعم عقده. وإن كانت ثمت مصادر تثبت سعيه لزعزعة الأمن فلابد أن يكون له شركاء من جيوش أو جنود أو مرتزقة في الداخل والخارج وهذا ما لم نلحظه حتى الآن!
ورطة عزيز لمن اعتقلوه، جمرة متوهجة بين أيديهم، فلا هم يستطيع الإبقاء على سجن عزيز بسبب ما اقترف خلال حكمه، لحصانته الدستورية ولا يستطيع النظام أيضا مواصلة سجنه بسبب زعزعة الأمن إلا بأدلة مقنعة للرأي الدولي.
هذه الورطة تجعل النظام أمام خيارين لا ثالث لهما:
- إما استمرار حبس عزيز بدون سند قانوني، وذلك تعسف ودكتاتورية ولا يخدم دولة القانون وفي النهاية يحولة السجن التعسفي من مجرم إلى ضحية ومن ثم إلى بطل قاوم تعسف وظلم الدولة له.
- وإما أن يتفاوض معه النظام ويتوصل معه لتفاهمات وتزازلات من الطرفين وهذا لا يخدم محاربة الفساد!
إما أن نكون جادين في محاربة الفساد وإرجاع ممتلكات هذا الشعب الغلبان والمنهوب والمسلوخ والمأكول، فيجب إذا أن نوقف جميع شركاء عزيز والأيادي التي نفذ بها فساده وأن تعيد للمواطن كل ما سرق منه، وإلا فكل ما سيقام به غير ذلك فلن يكون إلا ذرا الرماد في الأعين وضحكا على هذا الشعب المطحون.
يمكن أن نعيد للشعب ممتلكاته في إطار حرب حقيقية على الفساد تبدء بإقالة كل المفسدين الذين شملهم تقرير اللجنة البرلمانية وتحقيق معهم حتى تحصى كل عمليات الفساد التي نفذوها ثم اعتبار كل تلك العمليات باطلة والحكم بإرجاع كل الممتلكات المنهوبة للخزينة العامة، سواء كانت تلك الممتلكات بحوزة ولد عبد العزيز أو أحد أفراد أسرته أو كانت بحوزة المسؤولين الذين شاركوا وتواطؤوا مع ولد عبد العزيز في سرقة البلاد وإبداعهم السجن حتى يكونوا عبرة للمعتبربن.
أما غير هذا فهو ذر للرماد في العين وهو استمرار الفساد بثوب آخر وتدوير لمفسدين أتوا من قبل على الأخضر واليابس
أما ولد عبد العزيز فهو ورطة غزواني. فلا يستطيع محاسبته على فساده أيام حكمه لأن الدستور حصنه، ولا يستطيع منعه ممارسة السياسة لأنه لا يوجد قانون يمنع رئيسا سابقا من ممارسة السياسة، والرئيس أعل ولد محمد فال، كان في ذلك أسوة.
أحمد ولد صمب