في أول لقاء انفرادي خصني به السيد الرئيس السابق معاوية ولد سيد احمد الطائع غداة دخولي للحكومة سألني عن رأيي في الحزب الجمهوري فقلت له انه بالأساس حزب أعيان صنعتهم الدولة بأياديها و ان مثلهم من الاعيان قال فيه إداري فرنسي ايام الاستعمار ملاحظة كتبها على ملف احدهم مفادها انه مخادع و منافق دائما مطيع للسلطة لكنه لا يعول عليه.. أو كما قال:
' faux hypocrite, toujours de l'avis de l'autorité mais n'en fait qu'à sa tête "
طلب مني السيد الرئيس أن اعيد عليه الملاحظة و لما أعدتها قال عفويا : هذا بعد الا الحق.
هنالك حاولت أن ادافع عن الاعيان قائلا : السيد الرئيس نعم هذا حق ولكن المسؤولية تقع على الإدارة الاستعمارية التي اختارته لانه يوافق و لا يخالف أبدا و قد جرت العادة على انتهاج تلك الطريقة في الاختيار من ايام حزب الشعب إلى ايام الحزب الجمهوري مرورا بهياكل الجماهير حيث أن السلطات صارت في أغلب الأحوال تبحث عن من يتقن الموافقة إلى حد الغلو فيها و تخشي أصحاب الرأي ...و ان الحل يكمن حسب رابي في تحقيق ديمقراطية على أرض الواقع في مجال اختبار مسؤولي الحزب على جميع المستويات الأمر الذي يتطلب الفصل بيننه و بين جهاز الإدارة العمومية ...
إلى ذلك قام السيد الرئيس بطريقته الذكية في التحكم بمحاوريه بتغيير الموضوع قبل أن أعرف رأيه فيه .
لكنني لمست بعض التجاوب مع الفكرة حين أعطى اوامرا صريحة ابان اجتماع المجلس الوطني للحزب بضرورة ضمان الشفافية في اختيار رؤساء الأقسام و قد كنت شاهدا كمسؤول عن تنصيب هئيات الحزب الجمهوري بمقاطعة الميناء على أوامر صارمة أدت إلى تطبيق تلك التعليمات رغم رغبة قيادة الحزب في عدم تنفيذها بحجة ضرورة التوازنات المحليه و رغم ضغوط قوية من جهات نافذة في أعالي هرم السلطة .
ثم رحل رئيس الحزب الجمهوري عن الحكم عنوة و ترك وراءه جهازا سياسيا يتبني سلوك الموافقة العمياء التي تصل أحيانا إلى حد التملق المبتذل للسلطة القائمة و لو على حساب الشرعية . و قد فعلها أخ له من قبل اذا ما نظرنا إلى سلوك العديد من رموز حزب الشعب و هياكل تهذيب الجماهير بعد الإطاحة بنظامي الرئيسين الأستاذ المختار بن داداه و العقيد محمد خونه ولد هيداله..
ان تلك العادة التي لا يرى فيها جمهور المالكبة مخالفة للشرع و التي تخالف قوانين الأحزاب و المعروف من أخلاق السياسة حقيقة ثابتة في هذا البلد لا ينكرها سوى مكابر أو مغالط للراي العام أو غير صادق مع نفسه ..
انها الحقيقة التي قد لا يروق للكثير من اخوتي و اخواتي و أصدقائي و زملائي في العمل أن يسمعوها لما يتعلق الأمر بالحديث عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي بني بالرغم من التبرأ العلني لرئيس الجمهورية من رئاسته على نفس النهج و بنفس الطريقة في ممارسة العمل السياسي..
فالكل يعرف بما في ذلك الذئب الموجود شمال ولاته بأن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هو " حزب الدولة " و انه ورث كابرا عن كابر عادة الموافقة التلقائية على قطع رأسه بعد كل تغيير في رأس السلطة ...
لقد عبرت عن هذا الموقف مذ ايام معاوية و دافعت عنه بعد رحيله مرارا و تكرارا لانني صراحة أعتقد أن بناء الأحزاب على اساس التسابق إلى كعكة الدولة افقد السياسة مصداقيتها في هذا البلد و ان العمل السياسي سيظل عائقا أمام الانعتاق ما لم يتم التفكير بطريقة جادة في القطيعة التامة مع هذا النمط من الأحزاب الذي أفسد الإدارة العمومية و عشش في عقليات أهل الموالاة قديما و حديثا..
لذلك لا ينقضي عجبي من معارضين سابقين هرولوا إلى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية و اندمجوا فيه مع العلم بانه بني على أسطورة المليون و نصف منتسب التي اعترف " الرئيس المؤسس " بأنها كانت صرحا من خيال فهوى ..ثم يحدثك رئيس سابق لنفس الحزب عن المرجعية....
يا اخي لا مرجعية في هذا النوع من الأحزاب و لاهم يحزنون ..
انه باختصار حزب يراد للمنتسب فيه أن يسمع صوته بالتصفيق بغض النظر عن رأيه و الا فلا صوت له فيه..
و قديما قيل في هذا المعنى:
امجي ذي اللجنة كرامه ## و منادم ماهي مفرحتو
مفروظ اصفك و ايل ما ## صفك يصفك من تحتو
.......
عبد القادر ولد محمد