إعلان

تابعنا على فيسبوك

ولد الشدو: شهادة رئيس الجمهورية في حق الرئيس السابق تستحيل معها متابعته في ملف فساد

خميس, 12/11/2020 - 14:22

قال المحامي محمدن ولد الشدو إن شهادة الرئيس محمد الشيخ الغزواني في حق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تستحيل معها متابعته في ملفات فساد؛ وجدد ولد الشدو في مقال بعنوان "دفاعا عن الشرعية" التشبث بالحصانة للدستورية للرئيس السابق مستدلا بمداخلة للنائب يحى ولد الوقف يقول فيها إن الرئيس ليس مسؤولا عن التسيير ولا يمكن مساءلته عن تسيير اي مرفق عمومي...

وهذا نص المقال:

{إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} (سورة الأحزاب الآية 72).

صدق الله العظيم

ثالثا: في الاشتباه برئيس الجمهورية السابق ومتابعته، وأحكام المادة 93 من الدستور

     يبدو أن الجدل القانوني الدائر منذ نحو ثلاثة أشهر حول ملف "فساد العشرية" المزعوم، لم يعد غريبا وغامضا على الرأي العام مثلما كان في بداية الأمر؛ بل أصبحت أوساط واسعة من المثقفين ومن عامة الناس تدرك أبعاده الحقيقية، وتمتلك - من خلال متابعته واهتمامها به- نصيبا وافرا من المعرفة القانونية، وتدلي بدلوها في جميع مجالاته.. وخاصة قطاع الصحافة. ولذلك كانت أسئلة الأستاذين لحسن ولد محمد الأمين من قناة الوطنية وأحمد ولد الوديعة من قناة المرابطين لعميدنا ونقيبنا الأستاذ إبراهيم ولد أبتي حول الاشتباه في رئيس الجمهورية السابق ومتابعته، وأحكام المادة 93 من الدستور محددة وواضحة ودقيقة، وعصية أيضا.

فقد كان سؤال الأستاذ لحسن كالآتي: "هل يصمد النظام الداخلي أمام نص دستوري قطعي كالمادة 93 من الدستور الموريتاني التي تنص - كما تعلم ويعلم المشاهدون- أنه لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله خلال ممارسته لسلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. ولا يتهم رئيس الجمهورية إلا عن طريق الجمعية الوطنية التي تبت عن طريق الاقتراع العلني بالأغلبية المطلقة لأعضائها وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية؟"

وأما سؤال الأستاذ الوديعة فكان: "هنالك طعن آخر لدى لفيف محامي الرئيس السابق هو طعن بناء على المادة 93 من الدستور. هذه المادة واضحة في أن الرئيس لا يسأل عن الأعمال التي يقوم بها أثناء ممارسته لوظائفه. فلما ذا أنتم تتعهدون باسم الدولة الموريتانية لمساءلة الرجل عن قضايا لا تدخل ضمن الخيانة العظمى - بين قوسين- التي هي الباب الوحيد أو الاستثناء الوحيد الذي استثناه الدستور؟ لم تريدون محاكمته أمام قضاء عادي وهذا قفز على المادة 93 التي تحصن الرئيس وفق ما يراه محاموه"؟

وقد رد السيد النقيب على السؤالين ردا مستفيضا سوف نتطرق إليه ونناقشه في هذه الحلقة بإذن الله. ولكن دعونا نتساءل قبل ذلك عن عملية "نشوء وارتقاء" الاشتباه في الرئيس السابق ومتابعته؛ فمعرفة الأسباب معينة على التأويل!

الاشتباه بالرئيس السابق ومتابعته

من خلال فحص هذا الملف الغريب الملفق تستوقفنا أمور غريبة منها:

1. أن اللجنة البرلمانية على جميع علاتها المذكورة آنفا، ورغم غلو وشطط وعداوة بعض أعضائها للرئيس السابق، واستهدافهم الصارخ له، لم يحتو تقريرها على ما من شأنه أن يشكل أساسا للاشتباه فيه، ولم توص بمتابعته. ولدينا على ذلك أدلة قطعية منها:

* كلام رئيسها الأول رئيس الوزراء الأسبق يحي ولد الوقف الذي قال منددا بانحراف تلك اللجنة عن نسقها المعلن، ودور "الإعلام" في ذلك الانحراف: "عندما ينظر الإعلام إلى التقديم الذي قدم به النواب عملهم يرى أنهم لم يتكلموا عن العشرية ولا عن النظام ولا عن الرئيس.. تكلموا عن قطاعات معينة يريدون التحقيق فيها. ثم إن رئيس الجمهورية ليس مسؤولا بشكل مباشر عن التسيير؛ فالدستور واضح في أنه لا تمكن متابعته حول تسيير أي مرفق من المرافق العمومية. فحسب الدستور لا تمكن متابعته إلا في حالة الخيانة العظمى. فالإعلام ركز على العشرية وعلى النظام؛ في حين أن ما يسعى إليه النواب هو قيام البرلمان بدوره في رقابة الحكومة، سواء كانت هذه الحكومة أو الحكومات السابقة. وبالتالي يظهر لي أن الإعلام أخرج اللجنة من نسقها الحقيقي".

* عدم ذكر الرئيس السابق تصريحا أو تلميحا كمشتبه فيه في مجمل تقرير تلك اللجنة، وعدم وجود توصية منها بمتابعته. وهنا لا بد من توضيح أمرين هما:

أولا، أن الملفات التي تعهدت بها تلك اللجنة باطلا، وأحالت عملها فيها إحالة باطلة، لتتعهد به النيابة تعهدا باطلا أيضا، هي عشرة (10) ورد ذكرها في ديباجة تقرير اللجنة، وفي رسالة النيابة إلى المدعي العام عن خطتها للبحث. ويتعلق الأمر - حسب قرار الجمعية الوطنية غير الدستوري فيها- بـ"التأكد والتحقيق في ظروف التنفيذ وإجراءات التسيير المتعلقة بالموضوعات السبعة (7) التالية: رصيف الحاويات والمحروقات بميناء انواكشوط، شركة صوملك (محور الطاقة الشمسية) شركة سونمكس، خيرية سنيم، شركة بولي هوندونغ، الصندوق الوطني لمداخيل المحروقات، الملف العقاري. ثم أضيفت إليها ثلاثة (3) مجالات أخرى، قبل تخبط إضافة وحذف جزيرة تيدره، هي: صفقات شركة صوملك في مجال الكهربة، صفقات البنى التحتية (الطرق والمطارات والموانئ والاستصلاح) صفقات شركة اسنيم وسياستها التجارية. ورغم أنه لا سلطان - كما ذكرنا في بداية هذا المقال- للجمعية الوطنية ولا للجنتها المذكورة إطلاقا على "التأكد والتحقيق في ظروف التنفيذ وإجراءات التسيير المتعلقة بالموضوعات..." المذكورة الذي تعْمَهُ فيه؛ والذي هو من اختصاص السلطة التنفيذية، ومحكمة الحسابات، وقصارى ما يخوله القانون للبرلمان في هذا الشأن هو استجواب الوزير الوصي عن المجال، طبقا للقانون، والمنصوص في الفقرة الأخيرة من المادة 69 من الدستور؛ رغم ذلك كله، فإنه لا علاقة للرئيس السابق بأي من تلك المجالات ماعدا خزانا بنته شركة ATTM دون علمه بتعاقد مع خيرية اسنيم في منزله بالكيلو متر 70. وكانت توصيات اللجنة بشأنه تنصبّ حول عدم وجود مبرر لتدخل الخيرية لإنجاز خزان في منزل خصوصي يعتقد أنه ملك لرئيس الجمهورية السابق، وضرورة تبرير اللجوء إلى التراضي، وتمديد الصفقة لفترة طويلة، والتحري حول تمويل اسنيم لجزء من الصفقة؛ وهي كلها تعني المسؤولين في الشركتين، يضاف إلى ذلك شمول التقادم لها، وعدم رجعية القانون الذي تمت قبل سنه.

ثانيا، أن جميع ما تضمنه ذلك التقرير، على جميع علاته وعلات اللجنة التي أصدرته، لا يعدو إن ثَبَتَ، أن يكون مجرد أخطاء تسييرية لا ترقى إلى مستوى جنح؛ أحرى أن تكون جرائم. خاصة، وهذا ما لم ينتبه إليه نقيبنا وعميدنا، أن ملفه العتيد خال تماما من وجود أي ثغرة محاسبية في أي قطاع من قطاعات الدولة يمكن أن تشكل تهمة اختلاس للمال العام! وخال كذلك من أي بينة على وجود عملية ارتشاء في أي مجال من المجالات العشرة وغيرها!

2. أن السلطة التنفيذية - هي الأخرى- لا دور لها في هذا الاشتباه وهذه المتابعة؛ فهي وإن كانت قد خضعت للابتزاز والتضليل بسبب هالة الشرعية الزائفة التي أضفيت زورا وبهتانا على عمل "لجنة التحقيق البرلمانية" بصفتها "تعبيرا عن إرادة نواب الشعب، ولا سلطان عليها ولا على عملها للسلطتين القضائية والتنفيذية بموجب مبدأ فصل السلطات" فإنها لم تصدر البتة (رئيسا وحكومة) قرارا أو توصية بذلك. ولو صدر لكان فيه إحراج كبير لفخامة رئيس الجمهورية، صديق الرئيس السابق وشريكه مدة أربعين عاما من ضمنها العشرية التي يصفها المفسدون إسقاطا بالفساد. خاصة أنه كان قد شهد بالحق، وعلى رؤوس الأشهاد في حفل مهيب ضم أزيد من خمسة آلاف شخص من بينهم رؤساء دول وسفراء وموظفون أمميون، وكرر تلك الشهادة في الأمم المتحدة، فقال وهو في منتهى التأثر: "كما أن السياق التاريخي لهذه اللحظة يستوجب مني أن أسجل، نيابة عن الشعب الموريتاني وأصالة عن نفسي، شهادة للتاريخ في حق أخي وصديقي فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي ستحفظ له الذاكرة الجمعية الوطنية ما حقق للبلاد من إنجازات تنموية شاهدة، ومن مكاسب سياسية وديمقراطية رائدة؛ فقد شكلت بحقٍّ فترةُ قيادته لبلادنا نقلة نوعية في معركة النماء والاستقرار بالنظر إلى ما حقق فيها من إنجازات بنيوية عملاقة، وما اختتمها به من احترام للدستور، وعبور بوطننا الغالي إلى بر الأمان.. فله منا جميعا التهنئة الخالصة، والشكر المستحق".

وهذه الشهادة يصعب الاشتباه بمن أديت في حقه من طرف فخامة رئيس الجمهورية، كما تستحيل متابعته في ملف فساد، فضلا عن عدم أخلاقية ذلك؛ خاصة إذا تأكد التلفيق والمكر السياسي الرخيص!

فمن أين جاء الاشتباه والمتابعة إذن؟

عنوان المقال الاصلي: دفاعا عن الشرعية 4