إعلان

تابعنا على فيسبوك

الكنتي يكتب عن تكريم ابطال المقاومة "طوبى للخالدين"

سبت, 28/11/2020 - 19:51

 إنها وقفة عز مع الوطن تلك التي وقفها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مع قادة الجهاد ضد الاستعمار بمناسبة العيد الستين للاستقلال الوطني
إن تكريم الأبطال، وتخليد اللحظات التاريخية في حياة الأمة من شيم القادة الذين يدركون أهمية التاريخ في بناء الحاضر واستشراف المستقبل. وقد أعطت بعض الأسماء المكرمة بعدا تاريخيا جديدا للجهاد ضد الاستعمار الذي كنا نؤرخ له بارتقاء روح أول شهيد المختار أم بن محمد بن الحيدب الدمَاني مع مطلع القرن العشرين؛ (1904)، فجاء توشيح الشيخ سيدي محمد الخليفة بن الشيخ سيديّ بن المحتار الهيبة ليذكر بمؤتمر تندوجه، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (1856). فقد أدرك الشيخ سيديّ مطامع الاستعمار مبكرا فجمع قادة الامارات(وهو ما ينفي مفهوم البلاد السائبة الذي روج له الاستعمار) في محاولة لحل الخلافات بينهم لتتوحد جهودهم في مواجهة الغزو الأجنبي. ولقد مثل حضور أمراء الترارزه، ولبراكنه، وآدرار دليلا ساطعا على "تآزر " الركاب والكتاب في مواجهة الغزو الأجنبي، وتعاونهما في إدارة شؤون الناس وفق نظام لا مركزي تعرف كل إمارة فيه حدودها، وترعى مصالح رعاياها... وقد بلغ توقير العلماء عند الأمراء حدا جعلهم يخفون تلبية لدعوة الشيخ الجليل متناسين خلافاتهم العميقة التي لا تنفك عنها كيانات سياسية متجاورة. مؤتمر تندوجه، ومخرجاته يبطل دعوى استعمارية بنى عليها كبولاني استراتيجية غزوه؛ ظلم الزوايا من طرف الامارات الحسانية. ويعلم المطلع على تاريخ المجال البيظاني المكانة السامية التي شغلها الزوايا في بلاطات بني حسان. يبرهن على ذلك المثل الشعبي (الگال القاضي ماضي)، وليس رغم أنف الأمير بل بانقياد منه وحرص على نفاذ " الأحكام القضائية".
  إن شطر مجتمع البيظان بين عرب وزوايا حز في غير مفصل شوه به كبولاني نسيجنا الاجتماعي، معتمدا على تقسيم نخبةالمجتمع الفرنسي أيام الملكية بين فرسان ورجال دين، وتلقاه من بعده حملة أجندته وبعض المفتونين بالثقافة الغربية غير واعين بأجنداتها... فكيف نصنف؛ وفقا لهذا التقسيم المدرسة الصوفية القظفية التي أسسها الشيخ محمد لقطف الداودي الحساني، وقاد بعض مريديها الشهيد الشريف سيدي ولد مولاي الزين على خطى الصحابي أبي دجانة وهو يقتحم حصن الردة في اليمامة! كيف نصنف مريدي الشيخ ماء العينين وأبناءه الذين تسابقوا إلى الشهادة في مواجهة الغزو الاستعماري؛ رهبانا بالليل، وفرسانا بالنهار! كيف نصنف المجاهد محمد المختار ولد الحامد الذي حمل كتابه في ركابه، والشيخ ولد الغوث... وغيرهما كثير ممن علموا أن آية (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة...)نزلت في الصدقات وأن المعول عليه، عند "نازلة الاستعمار"، الأنفال وبراءة؟ فقد كان العز بن عبد السلام يحث المسلمين على تلاوتهما، والعمل بهما، عند "نازلة التتار".
    لم يكن توشيح الشيخ سيدي محمد الخليفة بن الشيخ سيديّ (تگراع) للمقاومة الثقافية كما استقر في أدبيات التقسيم الكبولاني، وإنما هو محاولة موفقة لتحرير تاريخنا من التحقيب الاستعماري الذي جعلنا ندور خلال ستين حجة بين 1902، و1960؛ بين (اطلوع أنصار)، وخروجهم! تجسيدا لمقولة " البلاد السائبة". فقد أراد رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أن يقول، بهذا التوشيح، كان في هذه البلاد علماء وقادة أدركوا ببصيرتهم مطامع العدو المتربص قبل أن يترجمها في أفعال، فأعدوا العدة للجهاد. ولم يصنف المسلمون المجاهدين في مراتب. فمن يستطيع ادعاء مرتبة في الجهاد أعلى من مرتبة حسان بن ثابت وهو يذب عن عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ والنبي يحثه.." اهجهم وروح القدس معك."، كما جمع أبويه لسعد بن أبي وقاص يوم أحد.. "إرم! بأبي أنت وأمي".. أليس الذب عن عرض النبي صلى عليه وسلم من الذب على الإسلام؟ بلى! على رغم أنف من قال يوما إن مصالح التنظيم أولى...

د محمد اسحاق الكنتي