تعد فرنسا الحليف الرئيسي للمغرب في قضية الصحراء الغربية، فقد دافعت عنه كثيرا، وفجأة تقدمت عليها الولايات المتحدة بعدما اعترفت بسيادة المملكة المغربية على الصحراء، ولا يمكن انتظار موقف مماثل وسريع من فرنسا نظرا لمراعاة علاقاتها مع الجزائر.
ومنذ اندلاع النزاع في سبعينيات القرن الماضي، وقف فرنسا الى جانب المغرب بالقروض والدعم السياسي والعتاد العسكري لكي لا ينهزم في الحرب التي دارت بينه وبين جبهة البوليزاريو المدعومة حينئذ من طرف الجزائر وليبيا، وكان الدعم الفرنسي حاسما في عدم تكبد المغرب هزائم في الصحراء، فقد كان البوليزاريو يحقق تفوقا ميدانيا في السنوات الأولى.
وحافظت فرنسا على دعمها الكبير للمغرب بعد توقيف اتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1991، وكانت خير حليف للمغرب في مجلس الأمن الدولي حتى لا يفرض استفتاء تقرير المصير، وروجت للحكم الذاتي، ووقفت الى جانب المغرب لتطوير علاقاته مع الاتحاد الأوروبي بمعزل عن تأثير نزاع الصحراء. وكان بعض رؤساء فرنسا مثل جاك شيراك يتحد عن الأقاليم الجنوبية المغربية، في إشارة الى الصحراء الغربية.
لكن فرنسا تجد نفسها الآن في وضع حرج وصعب، ويطالبها المغاربة بالاعتراف بمغربية الصحراء على منوال قرار الرئيس دونالد ترامب يوم الخميس الماضي، ولم يعد يجدون لها عذرا في الحفاظ على اعتراف محتشم وغير معلن، ويطالبها الجزائريون بالحياد أكثر من أي وقت مضى، ويخشى الجزائريون قيام باريس بحملة وسط الاتحاد الأوروبي لإقناع الدول بالموقف الأمريكي.
وتدرك باريس أن الاعتراف بمغربية الصحراء سيكون نهاية مصالحها في الجزائر، لن تتردد الجزائر في التقليص من التبادل التجاري والاستثمارات الفرنسية وتعويضها بعدوتها الجديدة تركيا أو منافسها الحقيقي الصين التي بدأت تزيح فرنسا من كل القطاعات في الجزائر.
ومما يزيد من صعوبة الموقف الفرنسي، مؤشرات انخراط الجزائر في دعم قوي لجبهة البوليزاريو في الحرب التي أعلنتها على المغرب منذ منتصف الشهر الماضي. فقد اعتبرت الجزائر القضية الصحراوية امتداد لأمنها القومي، وقد يسفر عن دعم عسكري علني بالخبراء والسلاح.
لم تقدم فرنسا على تقليد القرار الأمريكي، فقد حاولت الاستمرار في موقفها وهو اعتبار الحكم الذاتي الأرضية المناسبة للبحث عن حل للنزاع الصحراوي، وهو شبه اعتراف بمغربية الصحراء ولكن دون مستوى القرار الأمريكي الجديد.
رأي اليوم