إعلان

تابعنا على فيسبوك

جيل بين تطبيعين..

خميس, 24/12/2020 - 20:10

أواخر التسعينات في أوج التطبيع الموريتاني الإسرائيلي ثارت ثائرة التيار الإسلامي في موريتانيا وكان في مقدمتهم الخطيب المفوه جميل منصور ورفيق دربه محمد غلام، كان الجو حينها مشحونا وكاد الرفيقان أن يكونا زعميين قوميين، وجه الإسلاميون نقدهم اللاذع للحكومة المطبعة وأصدر المشايخ فتوى تحرم كل أنواع التعامل مع اليهود، جند الشعراء والأدباء من أهل الصحوة وهجي العلماء وتم التطاول عليهم هل تتذكرون!؟ 

كادت القضية أن تصل حد التكفير فجميل أكد على المقاومة التامة للمطبعين فلا يرد عليهم السلام ولا يشمت لعاطسهم ولا يتزوج منهم، جال الغلمان وصالوا في عرض العلماء الذين أفتوا بعدم الحرمة القطعية وأدخلو التطبيع في دائرة الجواز وكانت ربما أول حملة ممنهجة للقدح في مصداقية العلماء الذين يدورون في فلك غير فلك التيار الإسلامي.

غاب عن الساسة وقادة الرأي الإسلامي دوران الزمن فوصلوا لمناصب ما كانوا يظنون إمكانيتها استشرافيا على الأقل فقد شارك الإسلاميون في حكومة سيد محمد ولد الشيخ عبدالله ولم يُذكر التطبيع بل صار من المسكوت عنه ودخل في حيز محارم اللسان.

وقبل أيام طبع المغرب بحكومة إسلامية مع اسرائيل فهدأت لهجة جميل.. لا حديث عن مقاطعة الحكومة المغربية لا حديث عن رد السلام والتشميت للعاطس لا مقاطعة في الزيجات دخلنا مرحلة جديدة من الواقعية السياسة والكلام الهادئ وتلطيف الأجواء وتحكيم العقل والعذر بالإكراهات وهذا ما يفتح الباب واسعا لطرح مجموعة أسئلة لا تدعي العقلانية لكنها تحاولها ما استطاعت.

هل كان التطبيع الموريتاني الاسرائيلي في أواخر التسعينات تحت إكراهات الواقع ويمكن تفهمه بالرؤية الاسلامية الحالية؟؟ أم أن أفعال الخصم باطلة دائما؟؟ 

هل يمكن تقسيم الحق إلى حق بعيد وهو وجهة نظر الأنظمة المخالفة وحق قريب هو حق الجماعة ويختلفان في الفاعلية والقوة والمصداقية؟؟ وإذا كان التطبيع يدخل في حيز التدبير وصلاحيات الحاكم فهل يمكن أن تقوم الجماعة بالاعتذار لولد الطايع والعلماء المقدوح في عدالتهم حينها أو تعذرهم نظرا للإكراهات؟؟ 

أم أن الحق حق الجماعة والباطل باطل الخصوم ولا ولا مجال للحق البعيد في ظل تحول الباطل القريب إلى حق مشروع للجماعة؟؟.

وفي حال طبعت موريتانيا ما الفرق بين التطبيع الموريتاني والتطبيع المغربي.!؟

لعل بذور الحاكمية حاضرة في التسعينيات أكثر من حضورها في ظل مشاركة الإسلاميين في الحكومة ورغم ذلك تبقى مخرج طوارئ حال العودة لمجابهة الأنظمة في كل وقت.

أحمد ولد حرود