إعلان

تابعنا على فيسبوك

"ديمقراطية التمكين " ..

خميس, 17/03/2022 - 12:22

على  "عودة مكبوت اللاشعور السياسي " الكامن في العقل الباطن الذي تشكل "عقده وليس حقائقه" ثقافة العزل والفرز والنبذ والاقصاء .. العقل الذي يصوغ الوقائع انطلاقا من الدوافع والغايات الحزبية الضيقة وليس الظروف والشروط الواقعية والمتطلبات السياسية الوطنية الواسعة .. التى تتوق الى "المستقبل المشترك" وليس استحضار "سرديات الماضي" البعيد او القريب ..

-على "الاحزاب السياسية الليبية " التى تستخدم "تقية" الشعارات الوطنية لإخفاء "هوس الرغبات المرضية الجامحة " لوصول شخص الى السلطة .. والإستئثار بها لتحقيق المصالح الفئوية او الشللية او الحزبية او الفردية المشخصنة .. وليش المشروع الوطني الجامع في السلام والاستقرار والتطور .. 

-على "ديمقراطية التفصيل والحياكة " التى لم تستطع التخلص من "ثقافة اقصاء المختلفين " ذات الجذور التاريخية المحنطة .. خاصة حين يتعلق الأمر بمحطات بناء السلطة وتراكم الوعي الديمقراطي الذي تحققه .. وليس خطابات النقد الذاتي ومراجعة الاطروحات والآليات والمجالات والتحالفات بنقاء وطهورية "مستجدة" ترافقت مع تغيير اسماء احزابها "الجديدة القديمة " دون اعادة انتاج "مضامينها " التى تؤكد تطورها وجدتها وانفتاحها .. 

-على "ديمقراطية المجتمع الدولي " التى تضع المواصفات الخاصة لمن تسمح لهم بالترشح للمناصب في بلدانهم .. معايير وشروط تخدم استراتيجياتها ومصالحها وليس الرغبة في جعل الشعب الليبي يعبر عن ارادته ويمتلك قراره ويستعيد سيادته من خلال تراكم ايجابيات تجاربه المتعددة .. سبيل تعلمه الوحيد .. وليس بدفعه لاستيراد الوصفات الجاهزة للنخب الهجينة المصنعة في مختبراتهم ووفقا لوصفاتهم الجاهزة .. 

-على "ديمقراطية التجرئة " التى تضع المواصفات والمعايير "الخاصة الحصرية وليس العامة التشاركية " للسماح او المنع لكل من يريد الوصول الى وظيفة عامة في بلاده وليس بلادهم .. من دون ان يتم تطبيق المعايير الخاصة على كل من ساهم في ماوصلت اليه بلاده ..  والذي ربما يكون مقبولا .. 

-على "الحزب الديمقراطي " الذي اعلن انه تشكل بعد مراجعة الافكار والاطروحات وتقييم حديث للاحداث .. وليتحول بعض قياداته واعضائه من حزب "العدالة والبناء" الى "الحزب الديمقراطي" الذي يتبنى اطروحات عصرية "ليبرالية" لتقدم مجتمعه من خلال الانتخابات والتداول السلمي على السلطة .. رغم ان توقيت التحول قد "اضعف من مصداقيته" كحزب لمشروع جديد حين ارتبط الاعلان عن تأسيسه بمحطة "تسليم سلطة" رئاسة حزب العدالة والبناء .. ولتصبح العملية وكأنها تشكيل "حزب جديد لرئيس قديم " .. وليقدم الاسهام الليبي المبهر في الفكر السياسي المتمثل في مقولة : 

(( ان على من لايتقبل نتيجة بقائه في رئاسة حزبه ان يؤسس حزب آخر لرئاسته ..)) ..

-على ماورد في حديث السيد محمد صوان رئيس الحزب الديمقراطي "المولود حديثا " عن حزب العدالة والبناء ..

وتعليقي علي ماورد من اقوال في "عشر ليست شداد " : 

(1) 

قوله :  

(( دخول سيف الإسلام القذافي للانتخابات غير مقبول وغير منطقي )) ..

ولا اعرف اي "قبول يراد او اى منطق يحاجج " ليمنع "مواطن ليبي " من الترشح بعد قبول المفوضية الوطنية للانتخابات لملف ترشحه وبعد ان حكم القضاء الليبي باحقيته بذلك في الطعون المقدمة ضد ترشحه .. 

ولا اعرف اى "قبول جامع او منطق مانع " يحتكم اليه رئيس حزب سياسي "ديمقراطي" قبل ان يتم سماع صوت الشعب الليبي من خلال الوصول الى محطة الانتخابات العلنية والشفافة والنزيهة المعبرة عن ارادته واختياره وقراره وصوته .. 

(2) 

قوله : 

(( تواصلت مع كثير من مجموعات النظام السابق، وقلت لهم صراحة إنكم أفسدتم علينا الانتخابات ..)) ..

رغم علاقتي الشخصية الوطيدة بالكثير من مفكري الحزب وقياداته الا انني لم اسمع انه قد تم اجراء حوار بين "كيانات سياسية" يمكن ان يعكس التفاهم معها حول صيغ سياسية توافقية او متقاربة  .. 

ورغم ان ماورد في اللقاء لم يشر الى "رد وحجة دفاع" من تواصل معهم عن هذا الاتهام غير الدقيق من وجهة نظري .. 

الا انني اتساءل هنا : 

كيف لمن قبل "بعملية سياسية " جاءت بعد سنوات من العزل والاقصاء والتهميش .. وقبل ان يتم انصافه بارجاع حقوقه وتحقيق الانصاف والعدالة في ما لحقه من تجاوزات وانتهاكات ومظالم .. واعلن عن رغبته في المشاركة فيها "تصويتا وترشحا " ان يفسد هذه العملية .. 

فلا يستقيم هدا القول الا اذا كانت هذه العملية موجهة سلفا ..  او انها بنيت في عقول البعض على ثقافة العزل والاقصاء .. لتكون "ديمقراطية على المقاس " تدير السلطة بين "مخرجات مرحلة بعينها او عائلات اوسجناء او مرابين " وليس بين جميع ابناء الشعب الليبي الذين اقبلوا على المشاركة فيها بحماس كبير للتعبير عن ارادتهم الحرة في تجديد نخب سلطاتهم ومؤسساتهم التمثيلية وحكامهم ..

(3) 

قوله : 

(( سيف الإسلام كان جزء من الصراع، فبالتالي ترشحه سيفجر الوضع مهما كانت شعبيته )) ..

ولا اعرف كيف يخص طرف واحد "حصريا" بتوصيفه وتشخيصه "المبتسر " لحالة الصراع المتشابك في ليبيا .. وحزبه جزء من ذلك الصراع في كل مراحله "معارضة وحكما".. 

ولا اعرف لماذا لم يطبق معياره الخاص على الآخرين من اطراف الصراع المتحاربة .. حين يتجاهل استخدام هدا المعيار ومقولاته على عقيلة وحفتر وباشاغا .. من اعداء الأمس وحلفاء اليوم ..

ولا اعرف لماذا لايبرر او يتفهم معياره هذا وجهات نظر الذين يعارضون الحكومة التى يؤيدها .. وكان طرفا رئيسيا في صناعتها .. 

ويمكن ان يجد كل ذلك تفسيرا لدى من يعتقد ان حكم الليبيين هو مكافأة "نهاية صراع" وليس "حق اصيل" لهم يعبر عن رغبتهم ومشروعهم في السلام والاستقرار والنهوض والتقدم .. 

(4) 

قوله : 

(( بوجود سيف الإسلام لن تجرى الانتخابات في بعض المدن، وإذا أجريت وكانت النتيجة في صالحه لن تُقبل، وستدخلنا في حرب )) .. 

وهل يمكن ان تجرى بوجود كل من "جرمهم" بالامس من الذين يمتلكون السلاح حتى لو "تحالف" معهم اليوم .. وفي بعض المدن ايضا  .. 

وهل سيقبل ترشح بعض الاسماء الاخرى المشاركة في الصراع  في المدن التى تعتبرهم الى يوم "مجرمي حرب " وفي كل الجهات ..  

وهل سيضمن ان "نتيجة التحالف " اليوم التى افرزت حكومة عليها الكثير من الملاحظات من الاطراف الاخرى - وليس حكومة جاءت عبر انتخابات ذات شرعية شعبية كاملة - ستقبل او انها لن تدخلنا في حرب .. 

او انه "المعيار الخاص" الذي يطبق على من نشاء وكيفما شئنا .. 

(5) 

قوله : 

(( قلت لمجموعات النظام السابق فلينتظر سيف 10 سنين إن كان لديه طموح فما زال صغير.)) .. 

فهو الاسهام الليبي "المستجد" المتمثل في اختراع "الحق المؤجل " من خلال النصح الراشد "تأجيل الطموح " الذي اتوقع ان يتطور الى ان يصل الى خطاب المناداة "بدسترته"  بديلا عن ضرورة الالتزام بالشروط القانونية والدستورية التى "تنطبق او لا تنطبق" عليه ..

(6) 

قوله : 

(( قلت لهم: نحن نريد أن يتقارب الليبيين من بعضهم، وأنتم تأتوا وتقدموا سيف للعودة للحكم ..)) .. 

وكأن هدا التقارب مرتبط بعدم ترشحه رغم قناعته بشعبيته التى لايهمه التقارب معها  وكأنهم ليسوا ليبيين للمفارقة .. 

او انه لايقدم احد اطراف الصراع الجدلية للحكم .. بدون انتخابات او بقيامها .. 

الا يمكن ان يكون القبول بالعملية السياسية -غير مضمونة النتائج لأي طرف - والانخراط في محطاتها هو  نوع من تقارب الليبيين الحقيقي بل المصالحة السياسية الواقعية وليس الخطابات الوهمية حولها  .. 

الا اذا كان خطابه ذلك لمن يريد تقاربهم بشروطه فقط .. وبمنطق يجرم الآخر ولايرغب في مشاركتة اللعبة التى يعترف بها ويحترم قواعدها وآلياتها .. وقبل مصادرة رأي الليبين انطلاقا من نتائجها المتخيلة  ..

(7) 

قوله :  

(( لا أصادر إرادة الشعب، ولكن بشكل عقلاني مسألة ترشح سيف غير مقبوله )) .. 

ولا اعرف كيف يتوافق قوله بعدم قبول ترشح من اجاز القانون ترشحه مع القول بعدم مصادرة رأي الليبيين ..

وما يعكسه ذلك حول عدم الايمان باهمية الانتخابات كعملية تراكمية لضمان الديمقراطية  اكثر من الحكم على نتائجها المتخيلة و قبل ان تجرى .. 

كما ان هناك الكثير من الاطراف السياسية الليبية الذين لو سمح لهم بالتعبير عن تقبل المترشحين من عدمه لطلبوا من الكثيرين ان لا يترشحوا .. ولكانت النتيجة لإستخدام هدا المعيار انه  : لن يترشح احد .. 

(8) 

قوله :  

(( إذا لم يترشح الدبيبة في الانتخابات ووصلّ ليبيا فقط لإجرائها، كان سيصبح أعظم إنجاز قام به في حياته وأوسع باب يفتح له العمل السياسي في المستقبل )) ..

هو قول صحيح .. وكان على من تحالف مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية ان ينصحه بذلك .. الا اذا كان قد تحالف معه على هدف : عدم الوصول الى الانتخابات الا بشخصيات معينة .. 

والليبيون يعرفون "القوة القاهرة " المكونة من عديد الاطراف التى التقت رغباتها ومصالحها في تاجيل الانتخابات .. 

وكان يمكن ان يكون ذلك تعبير عن وجهة نظر اذا لم يتم التنصل منها اليوم وتحميلها للسيد رئيس الحكومة منفردا .. ليكون "ضحيتها" .. 

(9) 

قوله : 
 
(( كان من المفروض على رئيس حكومة الوحدة الوطنية أن يحترم وعده وكلمته ولا يترشح للانتخابات )) ..

ربما كان من المفترض لحلفائه ان ينصحوه بإحترام وعده وكلمته وان لا يترشح لها .. فالجميع يجب ان يحترم كلمته وان يقبل بالنتائج كما يعبر عن ذلك مرارا وتكرارا .. لولا ان هذا النصح يتنافى مع الرغبة في تعطيلها لديهم ..  

(10) 

قوله : 

(( الدبيبة بدأ منذ أول يوم وعينه على الانتخابات، كل المشاريع التي قام بها كانت تسويق ودعاية شخصية )) ..

رغم انه "سلوك شائع " لكلل الذين تقلدوا وظائف مؤقتة حين استخدموا كل اموال الدولة القرارات والمشاريع في الدعاية والتسويق لدوام الوظيفة وديمومتها .. مع اختلاف في الدرجة وليس النوع .. 

خاصة حين لم نلحظ "موقف صريح وواضح" من الحزب "القديم والجديد" تجاه مايقوم به السيد رئيس حكومة الوحدة الوطنية من استخدام لموارد الدولة في التسويق والدعاية لشخصه منذ اليوم الأول لتقلده المهمة .. بل اننا نعتقد السكوت عن ذلك هو "تواطؤ معه" يصب في مصلحة الدين يعتقدون ان نتيجة ذلك لن يكون الا انسداد سياسي .. وانه سيؤدي الى عرقلة الإنتخابات .. وهو ماحدث .. 

والله المستعان ..

د. عبد الله عثمان

استاذ جامعي ومفكر