إعلان

تابعنا على فيسبوك

تهنئة و تحية ...

أربعاء, 04/05/2022 - 12:51
د. محمد اسحاق الكنتي

تهنئة لمستهلكي الاعلام من قادة وساسة ومواطنين بمناسبة اليوم العالمي للصحافة. هذه “ المهنة” التي لا غنى عنها في مجتمعات اليوم، والتي لا تحظى، في عالمنا الثالث، بما تستحق من تقدير؛ فالسلطة معرفة، والمعرفة سلطة؛ وما تحاوله الصحافة، في ظروف شديدة الخطر، هو “سرقة النار” ليحصل المواطن العادي على نصيب ولو ضئيل من المعرفة ليحد من احتكار السلطة.
تحية..
لكل عامل في مجال الاعلام؛ المجال الأكثر خطرا، والأقل منافع؛ يصاب فيه الكاتب بالرعشة سريعا، وبقدر ما تزداد بصيرته، يكل بصره.. يحمل على عاتقه جهازا سحريا؛ يصنع المشاهير، ينقل الأحداث الساخنة والباردة، ويظل حامله يئن خارج الاطار! حين يمد لاقط الصوت يشعر أنه يمد يده؛ فهو “يسأل”. وحين يظهر على الشاشة يقتله التصنع ليلائم الصورة التي يريدها المنتج والمخرج، وينتظرها المشاهد؛ عليه أن يبتسم ولو كان ( الظحك أخبار فارغة…)، أن يبدو أنيقا ولو فكر أنه مجرد عارض لزي يناسب الشاشة، وربما فاقت تكلفته مجمل مرتبه الشهري.. ربما حسده المشاهد على حضوره، أريحيته، سيطرته على ضيوفه في الأستوديو وخارجه… ولا ينتبه أحد للجام الذي يشد أذنه كي لا يحيد عن الخط التحريري…
أما عندنا فحال الصحافة لا يسر، لغياب التقدير للمهنة وأصحابها ممن أتى “دار الصحافة” من أبوابها، ومن استعجل فتسور.
لقد عبر العديد من الصحفيين على هذا الفضاء، عن خجلهم أحيانا من الانتساب إلى مهنة المتاعب لما ألصق بها من شبه لا يمكن أن تكون مصدرا للفخر. غير أن المهنة النبيلة تظل، بالاستناد إلى تاريخها ملاذ المثقفين والعباقرة الذين افتخروا بالانتساب إليها؛ فقد كان كارل ماركس صحفيا، وكان أول من فكر في إنشاء وكالة أنباء. وكان تشيرشل مراسل حرب، وقل الشيء نفسه عن جان بول سارتر، ومشيل فوكو، وآلبير كامو، وإنجلز ولينين…
كان طموح كل أولئك المفكرين والقادة هو اقتطاع زاوية قصية، أو مركزية في صحيفة محلية أو دولية… من تلك الزوايا شكلوا الرأي العام حتى ضاق بهم السياسيون ذرعا!! كان ديغول يسخر من ريمون آرون الصحفي والأستاذ الجامعي الذي أرهق العملاق بنقده الصحفي. يقول ديغول: “ريمون آرون صحفي في السربون، أستاذ في لموند.”
لكن مهما بلغ النقد من استخفاف بالصحفي وعمله المشاكس، فلم يصل حد وصمه بالبشمركة، مع أن المصطلح في أصله اللغوي يعني المقاتلين الشجعان، لكن المجال التداولي عندنا ألصق به وصمة الاسترزاق حد الابتزاز؛ صفات أبعد ما تكون عن مجال السلطة الرابعة! فمتى “يجرم” هذا المصطلح القادح، مثلما جرم غيره من العبارات القدحية؟