إعلان

تابعنا على فيسبوك

القدس الحزينة والأيدي اللعينة/ د. رجائي حرب

سبت, 08/04/2023 - 00:05

أمام صهيونيةٍ فاشيةٍ علت في الأرض واستعظمت لأقصى حدودها. ملأت الأرض ظلماً وجوراً، واستباحت كافة المباديء الإنسانية والأخلاقية، واستهانت بكل المعايير والقيم، يقف الكيان الإسرائيلي الغاصب اليوم وأمام كل العالم بأحزابه وسياسييه من متطرفين وقتلة ومتدينين شرسين؛ ليعيث في الأرض الفساد ويستعجل خراب دولتهم المقدَّر من الله العلي القدير عما قريب؛ يدنس شوارع القدس العتيقة، يسيء للانسان، وينتهك حرمات حفظها الله سبحانه كالطهر النابت بين جدران المساجد وتحت قباب التكايا
يقفون جميعاً وهم يتحزمون بوعود المجتمع الدولي المتخاذل والإدارة الأمريكية المنحازة لهم على ضلالة، والعالم المخزي الذي تسيطر عليه المحافل السرية ومواخير الخيانة والتآمر؛ وهم يعتقدون بأن ذلك سينجيهم مما سيحل بهم على أرض فلسطين الطاهرة من خراب وفناء. يعتقدون أن علوهم الكبير الذي وعد الله به لن يتبعه ذلاً ولا طامةً كبرى. طامةٌ لن تبقِ ولن تذر منهم أحداً على وجه الأرض لأنهم سرطان الكون وخبثه وخبائثه
لقد استباحوا المقدساتٍ الإسلاميةٍ والمسيحية، واستنفذوا دعم كل العالم الفاسد والبعيد عن المحافظة على المباديء الانسانية والاخلاقية، وعن غوث الملهوف، ونصرة الحق، وحقن دماء الفلسطينيين الزكية المزروعة منذ زمن العرب اليبوسيين والكنعانيين قبل سبعة آلاف عام على تلك الأرض المقدسة كعلامات تشهد على أنهم أصحاب الأرض الأصليين وأنهم ملح الأرض وغوثها.
ويتبع ذلك الهوان البائن واقعٌ عربيٌ مخزي وصل الى مرحلة التفاخر بالانبطاح والتطبيع والاستسلام لإرادة الغرب المتصهين؛ ومهَّد الطريق للفُسَّاق وشراذم الشعوب للتجمع في دولةٍ بغيةٍ استولت على فلسطين وعاثت في الأرض فساداً، ودنست قطعان مستوطنيهم باحات الأقصى الطاهرة بنجاستهم وعبثهم بدماء الشرف المهدورة ظلماً وبهتاناً في طرقات القدس وباحات المسجد الأقصى المبارك، فضاعت كرامتنا بسبب صمتنا المذل، وماتت النخوة والمرؤة في عروقنا؛ وتممها قيام البعض من أبناء أمتنا من الذين بلا ضمير وقليلي الدين والأخلاق لعقد ولائم الذل وموائد الخنوع للصهاينة الذين تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء من أبناء جلدتنا؛ فانحطتْ الأمة، وسارت كقطيع ساقته الانظمة النائمة الى مذبح الصمت المهين.
إنه العار الذي يكلل رؤوسنا ونحن نشاهد الأقصى المبارك يئن ويصرخ وليس منا من يجيب؛ إنه العار المخزي ونحن نرى إخوتنا الفلسطينيين يدافعون عن كرامتنا لوحدهم وبصدورهم العارية ونحن نكدس الأسلحة والطائرات والذخائر في مستودعاتنا لنخدع أنفسنا بأن لدينا جيوش جبارة، ونحن لا تنفطر قلوبنا حزناً عليهم وعندما لا نقوم بدورنا الأخلاقي والإنساني في نصرة مظلمتهم ولو لمرة واحدة.
إنه العار الذي سوف يلاحقنا حتى في قبورنا ونحن نشاهد المساجد والكنائس والمدارس والبيوت في فلسطين تهدم على رؤوس ساكنيها؛ وتتحول الى ركام يرقد على صدورنا جميعاً فيخنق أنفاسنا؛ بينما الحكام يرفلون في نعيم القصور التي تحولت الى مستنقعات لوحل الخضوع المهين لأعداء الأمة، وتملأها الملذات والشهوات والتعلق بالدنيا، بينما قبورهم تبنى وجهنم تتلوى منتظرةً فُسَّاقهم وجهلتهم ليكونوا حصبائها
إنه العار أيها السادة. والذي سيظل يلاحقنا جيلاً بعد جيل، ونحن نأكل ونرتع كالبهائم، ونتسمر أمام شاشات التلفزة العربية المهينة لعزتنا والساحقة لمرؤوتنا وشرفنا، والتي تفقدنا معاني الشهر الفضيل بينما يدافع أشقاؤنا في الدين والعروبة والانسانية في فلسطين عن كرامة أمة بأكملها ويعانون الأمرَّيْن نتيجة خذلانها وتردي أحوالها
ستبقى فلسطين قضية كل الشرفاء في العالم، ولن يستطيع أحدٌ أن يطمس حقاً شرعياً ووطناً ضارباً في التاريخ من أجل قيام دولة خبيثةٍ عابرة في دفتر الأيام مهما تآمر عليها المتآمرون ومهما تصهين المتصهينون ومهما طبع المطبعون لأن هذا الكيان ومعه أراذل أمتنا سائرون إلى زوال، وسيلعنهم التاريخ وتقبرهم الأيام بلا رحمة.
إنني أدعو أمتنا العربية والاسلامية أن تستيقظ من غفوتها قبل فوات الأوان، وقبل أن يحق القول على أكثرهم من الخانعين والمنافقين الذين استكانوا إلى الأرض ولم تتعود أعناقهم النظر إلى العلياء، أدعوهم أن يتحرروا من سباتهم ومن طغيانهم الذي بلغ الزبى؛ ليقفوا من جديد، ويعيدوا تلك الأمجاد العظيمة؛ يوم هزمنا جحافل المغول في عين جالوت بعون الله، وهزمنا الصليبيين في القدس الطاهرة، وحطمنا أحلام نابليون وهزمناه على أسوار عكا؛ وقدمنا مليون شهيد في ثورة الجزائر من أجل تحرير الأرض وحفظ كرامة الإنسان، ويوم دحرنا العدوان الثلاثي في مصر وكسرنا شوكة اليهود في معركة الكرامة على أرض الأردن، وشطبنا مقولة الدولة التي لا تقهر في حرب رمضان المجيدة في سيناء. وكان كل ذلك من عند الله الذي يهب النصر لمن يشاء
إنني أدعو أمتي لتخرج من صحراء التيه التي طال فيها ضياعها، وأن تتحرر من قمقم النحس الذي تعيشه منذ زمن، وأن تنفض غبار الذل عن كاهلها، وتستجمع قواها التي خارت نتيجة سباتها الطويل لتسير من جديد تحت شمس الحرية ونحو النصر وصون كرامة الإنسان، وعندها لن يتردد أبناؤها المخلصين من الأغلبية الصامتة المقهورة والتي أرهقها التأجيل وطول الانتظار من اللحاق بركب النصر لتحرير الأرض والانسان ولتتنسم رائحة العزة والكبرياء من جديد بعدما انتظرناها منذ زمنٍ بعيد. 
7/4/2023