ليبيا من ثورة الفاتح إلى ثورة ليفي

في الوقت الذي كانت فيه بعض دول الوطن العربي تعيش نسمات التحرر وتفكك قواعد المستعمر العسكرية معلنة نهاية عصر التبعية ومتطلعة إلى عصر جديد عنوانه الكرامة والعزة يرفع فيه العربي رأسه بشموخ حاملا إرثا من المجد والعطاء سطره عبد الملك بن مروان   ورسخ أقدامه هارون الرشيد وجدد الوفاء لهما عبد الناصر بعد ما كادت شمس العرب تغيب في عين حميئة من التبعية والتخلف وعبادة الطغاة الفاسدين والجبابرة المتسلطين. 
في وقت كهذا كانت ليبيا تئن تحت وطأة نظام السنوسي السلالي المتخلف الذي أزكمت رائحة رجعيته وعمالته وخنوعه أنوف اللبيين أبناء الصحراء وشواطئ المتوسط التواقين إلى التحرر والعطاء المفعمين بتاريخ مليئ بالمجد سطره أبناء الشهيد عمر المختار حينما أبى الرضوخ للطليان حتى أعدم في ساحة الفداء ليزرع جين التحرر في أبناء وطنه .
كانت ليبية قبل ثورة الفاتح فريسة لنهب الطليان ومركز عمالة للنفوذ الأمريكي فلا النفط الليبي أسعد الليبيين ولا شواطئهم الطويلة أسكتت نداء أمعائهم حتى لبى الفتى القذافي النداء فجر فاتح سبتمبر معلنا تحطيم أركان نظام الملك السنوسي العميل لتبدأ ليبيا فجرا جديدا عنوانه الثورة :
الثورة على الاستبداد.
الثورة على الاستعمار.
الثورة على الاقطاع.
العودة إلى الحضن العربي الدافئ.
كانت كلمة سر ثورة الضباط الأحرار في ليبيا هي القدس.
ليترجم ذاك الشعار واقعا من خلال المجهود الحربي الليبي في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة ضد العدو الصهيوني.
وكل معارك الجماهيرية العظمى ضد الامبريالية داخل ليبيا وخارجها.
حولت ثورة الفاتح الصحراء الليبية إلى نهر تتدفق مياهه العذبة صوب المدن الليبية ليشعر الليبي بقدرته على قهر الصعاب.
تحول النفط الليبي إلى قيمة مضافة مكنت من بناء وتطوير المدن ورفعت من مستوى الخدمات الصحية والتعليمية.
أصبح البيت لساكنه فلم يعد في ليبيا مشرد. 
أضحى الليبيون شركاء لا أجراء لينتهي عصر الاقطاع والاستعباد. 
تحولت ليبيا إلى قبلة للعرب والأفارقة يعملون يدرسون بلا تأشيرة ولا منا ولا خوفا.
تحولت منظمة الوحدة الافريقية إلى الإتحاد الإفريقي بتأثير من العقيد القذافي وبدأ التخطيط لفك الارتباط النقدي مع الغرب من خلال العملة الذهبية الافريقية.
دفع الشهيد القذافي خلال الأربعين سنة ثمن قيم التحرر والانعتاق التي جسدها فمن العدوان الأمريكي المباشر على منزله مرورا بالحصار الخانق والذي أحكمه عليه الخونة من حكام العرب فلم يرغبوا فيه لا علاقة الدم ولا واجب الجوار وحدهم الأفارقة هم من فكوا الحصار .
بعد عجز قوى الاستكبار الغربية عن تحييد مسار ثورة الفاتح أو ترويض الثائر القذافي عمدوا إلى زرع العملاء والتخطيط للتغيير من الداخل فكانت ثورة الإخوان المسلمين التي قادها اليهودي برنار ليفي للقضاء على الجماهرية العظمى  لتتحول ليبيا إلى ساحة اقتتال يقتل فيها الليبي آخاه الليبي  مقدما رأسه قربانا لبني صهيون لتستباح ليبيا من جديد وتعود القواعد الغربية ويستنزف النفط الليبي.
فأي الثورتين كانت رفعة وعزة لليبيا ؟
ثورة القذافي أم برنار ليفي ؟
شيخنا محمد سلطان