إعلان

تابعنا على فيسبوك

هذيان الرئيس السابق. /بقلم التاه ولد احمد

ثلاثاء, 28/11/2023 - 14:00

في موروثنا الشعبي أن رجلا في الغربة، يدين آخر بمبلغ معلوم، فاستعصى عليه استرجاعه منه، فشكاه إلى القاضي، فاستشار الثاني قريبا له فأشار إليه بالعمل على إرباك الدائن أمام القاضي، بادعائه (وهو البريء) انه هو من أخذ منه الدين وليس الأول، وعندما يرتبك أمام القاضي، يلغي القاضي الدعوى بحكم أن الرجل لا يعرف، لمن أعطى ماله، بحكم نص القانون في ذلك البلد.

حضر الرجلان أمام القاضي في زمرة المحاكمين، وعندما وصله الدور، قال الرجل: هذا الرجل أخذ مني مبلغ كذا سلفا، ومازال يماطلني إلى الآن.

فوقف الثالث قائلا: فلان لا تخطئ، هذا ليس من أخذ منك الدين، بل أنا من أخذته منك.

فأجابه على البديهة: أنا لا أعني ما أخذته أنت، فأنت تعترف ولم تنكر يوما ذلك، لكن أشكوه هو، لأنه مازال يماطل ويمتنع عن سداد دينه.

تذكرت هذه القصة، وأنا أقرأ الاعتراف الجديد للرئيس السابق ، الذي لا يساورني شك في أنه من نصائح فضيلة أحدهم اأطال الله بقاءه ، بهدف إرباك القاضي، ناسيا، أن الودائع التي استرجعتها شرطة الجرائم الاقتصادية، كانت قبل التاريخ المذكور 2 أغسطس 2019، وأن المبالغ التي تم بها شراء المنازل والقطع الأرضية، المقتطعة من المرافق العمومية، كانت قبل نفس التاريخ، وأن كل المبالغ التي ذكر، لا تصل إلى جزء بسيط من أمواله بين المصادر، والذي مازال مخبأ في مغارات  عبر العالم.

أما حديثه عن الحملة، فنحن كنا نعرف أين ذهبت أموالها، ولم يخف على أحد ما حدث فيها، من بداية الانطلاق إلى ما بعد محاولة التشويش التي تمت السيطرة عليها بفضل الله اولا، ثم بفضل قطع خدمة الانترنت التي كانت أداة لدى البعض لإفشال انتقال الحكم وقتها.

وبناء على هذه الحادثة الطارئة فإنني أسجل ملاحظتين، اثنين لا أزيد:

-         الأولى -إن كان حديث الرجل صدقا، وما أخاله كذلك، لما نعرف في من أشار اليه بهذا التصريح،  فإنني أعبر عن بالغ إعجابي بالرئيس محمد ولد الغزواني، على تقديمه هذه الهدية، كمساعدة رمزية لصديقه، الذي يغادر القصر والرئاسة، وربما البلاد، ليعيش حياته بعد التقاعد، بسعادة ورفاه، ومع أن هذا سلوك نادر، بين أي رئيس وخلفه، لكنه يعبر عن الأخوة والوفاء، إن كان صدقا.

-         الثانية، أنني أسجل لدى رئيس المحكمة الموقرة، أن الرجل لم يقض في البلاد بعد تسليم السلطة،  سوى أيام قليلة، قضاها داخل فيلا في قصر المؤتمرات، وغادر بعدها البلاد مباشرة وهو يصطحب كما - قيل وقتها - انه حمل معه من الحقائب ما هو كفيل بفلت الأنتباه، ولم يجد من الوقت ما يكفى –بالقطع- لفتح كل تلك الحسابات وإيداع كل تلك المبالغ فيها، وبناء عليه، فإنه مطالب بإرجاع تلك المبالغ، التي اعترف دون إكراه أمام المحكمة الموقرة، ليتم إيداعها فورا، لدى مكتب المحجوزات.

أما سيادة الرئيس السابق، فإنني أدعوه أن لا ينخدع دائما بما يروجه بعضم له، فهدفهم كما يعلم هو إطالة الوقت، وهذا بمقتضى عملهم الذي يستمر مع طول الوقت في جلسات المحاكم، وبانتهاء القضايا ينتهي عملهم وبالتالي فإن ذلك ليس في مصلحتكم، فقد كان باستطاعته، أن يتعاون مع المحكمة، وأن لا يحتفظ بالتشبث بالمادة 93 والمحكمة السامية، ليختصر الوقت والزمن على نفسه، ولكنه أنخدع ولم يدافع عن نفسه، وسكت وقت الكلام النافع ، وانخدع مرة أخرى وتكلم وقت السكوت النافع ايضا، فالكلام في وقته لايعادله سوى السكوت في محله، هذه استشارة مجانيه. 

كما كان عليه أن يتذكر أنه لم ينجح فيما أشاروا عليه به من صمت وتشبث بتلك القضايا، وبالتالي، أن لا يورط نفسه من جديد في قضية، لن تصدقه المحكمة فيها، ولن يصدقه أي أحد من المجتمع الذين يعرفونه جيدا ويعرفون الرئيس الحالي كذلك .

السيد الرئيس السابق: أذكركم كذلك  بهذه المناسبة، أنكم عملتم على تجويع الشعب الموريتاني، لسنوات عجاف ، قمتم خلالها، بتجفيف المنابع لكافة أفراد الشعب، وسأسرد لكم بعضا من الذي قمتم به ضد هذا الشعب المسكين المغلوب على نفسه:

-         قمتم بتحطيم رمزية الدولة، وقيمتها المعنوية، من خلال تجفيف منابع الطبقة المتوسطة من موظفي الدولة ومن يعيشون على هامش الوظيفة، من الطبقات المتعففة، والتي ما زالت تعاني إلى اليوم، رغم ما قام به النظام الحالي من محاولات ترقيع ذلك الخلل.

-         قمتم بتجفيف منابع الإعلام والصحافة والمجتمع المدني والأحزاب، مما أدى إلى تمييع تلك الحقول، وإفسادها، وتراجع مستوى المهنية والأخلاق فيها.

-         قمتم بتحطيم السلم الأهلي من خلال زرع بؤر الخلاف العرقي وتشجيع المتاجرين به، ظنا منكم أنكم تستطيعون البقاء في الحكم عن طريق خلق الصراعات الطبقية والشرائحية، وكدتم لولا فضل الله، أن تجروا البلاد إلى حرب أهلية، لا يمكن التنبؤ بعواقبها.

ذلكم غيض من فيض مما قمتم به، في سبيل تحطيم هذا البلد، ولا يشفع لكم ذلك النزر القليل من الإنجازات التي قيم بها ذرا للرماد في الأعين ، أمام تجويع الشعب ووضعه في جو من الرعب، بهدف إدامة الحكم الجائر.