قبل بضع سنوات فقط، برزت مالطا إلى الواجهة باعتبارها لاعبا رئيسيا على ما يبدو في تهريب الوقود عبر البحر الأبيض المتوسط. ولفترة قصيرة، اكتسب لاعب كرة قدم مالطي، وتاجر وقود محلي، وبائع سمك من صقلية، شهرة باعتبارها القنوات المروجة للوقود الليبي المسروق، حيث تعاملوا معه وتاجروا به في موانئ مالطا. كان قد تم القبض عليهم في إيطاليا.
قامت (دافني كاروانا جاليزيا) بالتحقيق معهم ، من المتوقع أن تحقيقاتها في تعاملاتهم الفضيعة كانت وراء مقتلها لاحقا، مما انحرف التحقيق عن محركي (الدمى) الحقيقيين في الحكومة المالطية .
حسنا، نحن المالطيون كنا صغارًا، لقد تطور تهريب الوقود الليبي ليصبح عملاً تجاريا بمليارات الدولارات، يشمل الجهات الحكومية والمرتزقة والجريمة المنظمة على نطاق واسع. وما كان ذات يوم تجارة تسهلها قوارب الصيد، أصبح الآن يتم على متن سفن كبيرة عابرة للمحيطات.
تشير التقديرات إلى أن 20 في المائة من إجمالي وقود النقل المستهلك في إيطاليا يأتي من السوق السوداء، حيث تغادر أربع سفن ناقلة كبيرة أسبوعيا ميناء بنغازي في ليبيا ممتلئًا بالوقود المهرب الذي يكلف البلدان المتلقية مثل (إيطاليا أو مالطا أو إسبانيا أو فرنسا)، مليارات اليورو من الضرائب والرسوم غير المباشرة، ويمول الحرب الأهلية المستمرة في ليبيا وحرب روسيا في أوكرانيا.
وفي قلب هذه (التجارة المربحة) يكمن نظام دعم الوقود السخيف في ليبيا، فبدلاً من دعم الأسر المحتاجة بإعانات مباشرة، تواصل الحكومة في طرابلس بيع الوقود المدعوم بشكل كبير، والذي يتعين عليها في الغالب استيراده.
فالبنزين، على سبيل المثال، يُباع بخصم قدره 99 في المائة عن أسعار السوق؛ وتباع زيوت الوقود التي تشمل - زيت التدفئة والديزل والوقود البحري والوقود الثقيل - في المتوسط بسعر أرخص بنسبة 75 في المائة من تكلفتها الحقيقية في الميزانية.
* إن تهريب الوقود إلى أوروبا أكثر ربحية من تهريب المخدرات أو البشر، في حين أن اكتشافه أكثر صعوبة: فالأوراق المزورة، المزينة بالأختام والإفادات، تكفي كدليل على المنشأ !
ووفقاً لأرقام عام 2022، أنفقت الحكومة في طرابلس 13 مليار دولار على دعم الوقود، وهو ضعف ما كانت عليه في العام السابق.
معظم الديزل والبنزين لا يأتي من ليبيا، فلا تنتج مصافيها المحلية الصغيرة كميات كافية لدعم الاحتياجات المحلية، وهذا سبب رئيس في ارتفاع معدل الواردات الضخمة .. !
منذ غزو بوتين لأوكرانيا والعقوبات التي فرضتها أوروبا والولايات المتحدة بعد ذلك، تطورت روسيا ؛ لتصبح الشريك التجاري الرئيسي للطاقة في ليبيا، حيث عززت حصتها من الواردات من 4% قبل الحرب في أوكرانيا (2022) إلى 28% في العام الماضي، فأصبحت روسيا الآن المورد الرئيسي للوقود إلى طرابلس. وقد زادت الكميات عشرة أضعاف منذ غزو أوكرانيا، لتصل إلى 2.5 مليون طن من الوقود.
* يتم "إعادة توجيه" معظمها إلى أوروبا: تبلغ قيمة الصادرات غير المشروعة 6 مليارات دولار، وفقًا لتقديرات البنك المركزي الليبي.
وبسبب سوء توجيه هذا الدعم المنحرف والمسرف، يتجاوز البنزين والديزل الطلب المحلي، الذي لم يعد من الممكن تلبيته. لدى السكان المحليين خيار إما الوقوف في طوابير لساعات للحصول على (جرة/ جالون) زيت التدفئة من المنافذ الرسمية أو الدفع- غصبا عن الأنف- في السوق السوداء.
في الوقت نفسه، تقوم نخب التهريب بالقتل ..
المقال مترجم عن التايمز