المركزية واللامركزية كلتاهما وحدة من وحدات ومفاهيم التسيير الإداري، وتتميز المركزية بحصرالتخطيط و التسيير والرقابة والمتابعه وكل الصلاحيات في جهة محدودة هي المخولة بالتخاذالقرارات ومتابعة تنفيذها ؟
بينما تتميز اللامركزية بتنازل المركزية عن جزء من صلاحياتها الإدارية لصالح مستويات دنيا في السلم الإداري من اجل الإسراع في تنفيذ المشاريع وترشيد التكاليف واشراك المجموعات المحلية في إدارة شؤونها انطلاقا من مبدأ اصيل في كل الصيغ الديمقراطية والدساتير العالمية وهو ( السيادة الشعبية باعتبار الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطة ) وتستمد كل الحكومات مشروعيتها الدستورية من الشعب فقط؟
بعبارة اخرى فإن اللامركزية تعنى تفتيت السلطة والصلاحيات في جسم المجتمع عكساللمركزةوالمركزية؟ ؟
ويتجه العالم اجمع نحو مزيد من اللامركزية الإدارية كأنجع وأسرع وسيلة للتنميةويصر الشركاء في التنمية على اللامركزية ويفضلون التعامل مع الشعوب عبر مجالس تنموية منتخبة من الشعب بعد ان ادركوا فسادحكومات العالم الثالث اودول الجنوب ؟؟
وما فساد العشرية عنا ببعيد؟ لكن الإدارة الإقليمية في موريتانيا مازالت تصرعلى رفض مشروع اللامركزية وتلتف عليه بشتى الوسائل ؟؟!!
ومن اغرب ما سمعت في هذا المجال ان وفدا اوروبيا جاء إلى موريتانيا في اطار التعاون في مجال اللامركزية وعند ما قابل مسؤولا كبيرا مكلفا باللامركزية سابقا في وزارة الداخلية قال لهم بصريح العبارة أن موريتانيا لا توجد فيها لامركزية ؟ إذن فما ذا تمثل انت إذاكانت اللامركزية غير موجودة ؟؟!!!!
ولكم ان تتصوروا كيف يمكن نجاح مشروع اللامركزية في موريتانيا إذا كان المعني به هو من يقنع الشركاء في التنمية بعدم وجود لا مركزية في موريتانيا ؟؟!!
من هنا وبعد ان دخلت الجهات في السنة الثانية من مأموريتها الثانية ويشرف البلد على الدخول في المأمورية الثانية لفخامة رئيس الجمهورية ان شاء الله فإننا بحاجة إلى وقفه صادقة مع الذات وتحديد موقفنا الصريح من الإستراتجية الوطنية للامركزية التي اصبح لها مجلس يرأسه فخامة رئيس الجمهورية ؟؟
هل الإدارة جادة في هذا الخيار الإستراتيجي ام هو مجرد تكتيك مرحلي وهياكل إدارية منزوعة الإرادة والفاعلية والصلاحية ؟؟!!
وعندما لا تكون الجهة المكلفة بالتنمية اساسا اي المجالس الجهوية ممثلة في اللجنة الجهوية للتنمية
فماذا نسمى ذالك غير الإلتفاف على مشروع اللامركزية من أساسه ؟؟ !!
ولدي معلومات بأن رؤساء الجهات طرحوا هذ الموضوع على فخامة رئيس الجمهورية واستغرب كيف تكون الجهة المكلفة بالتنمية ليست ممثلة في اللجنة الجهوية للتنمية ؟؟؟ !!
وامر وزير الداخلية واللامركزية بإعادة صياغة اللجان الجهوية للتنمية وشرع وزير الداخلية في تنفيذ تلك التعليمات لكن عندما وصل الامر إلى لوبيات في الإدارة هنا بدأت الفرملة وافراغ المشروع من محتواه وتمييعه
لأنها ببساطة رافضة لمشروع اللامركزية الإدارية في موريتانيا !!
وبما ان المشروع هو خيار استراتيجي عند فخامة رئيس الجمهورية وعند وزير الداخلية فهي لا تستطيع التصريح بالرفض لكن الفعل ابلغ من الكلام ؟وهي لديها طريقتها الخاصة في الرفض ألا وهي التمييع و الإلتفاف على المشروع وإفراغه من محتواه ؟؟!!
والحقيقة أن منطق الأشياء وفلسفة اللامركزية الإدارية التي تمثل الجهات احدى أدواتها التنظيمية يقول .. ان هذه الجهات المنتخبة هي المسؤولة عن التنمية الجهوية وإلا لماكان هنا اي مبرر قانوني او تنموي لوجود جهات اصلا ؟
فمادامت مهمة الجهات هي التنمية الجهوية وقد وجدت جهة اخرى غير منتخبة مكلفة بالتنمية الجهوية فهذا يعنى بوضوح تام إلغاء دور الجهة من أساسه ؟؟
والسؤال الذي يطرح نفسه في إطار اللامركزية الإدارية التي تمت المصادقة عليها وظهرت لأول مرة في برنامج معالى الوزير الاول محمد بلال مسعود هو لماذا انشات الدولة هذه المجالس الجهوية وقامت ببناء مقرات اجتماعية محترمة لها ؟ وقامت بشراء سيارات فارهة لرؤساء الجهات واقتطعت من ميزانية الشعب مبالغ مالية معتبرة .من أجل التسيير والإستثمار داخل الجهة مادامت لديها جهة مكلفة بنفس الدور ؟؟!!
ألا و .. هي اللجنة الجهوية للتنمية التي تضم الوالي ورؤساء المصالح الإدارية والمديرين الجهويين تقموم بتوجيه الموارد والمشاريع إلي القطاعات التنموية في الولاية وهو نفس مهمة الجهات والمجالس الجهوية؟؟ ؟
فماهي علاقة المدير الجهوي للصحة مثلا او التعليم بمشروع مائي اوزراعي في الولاية ؟؟!!
في الوقت الذي تغيب فيه الجهات عن دورها التنموي في الولاية؟ وتعتبر عضويتها عضوية شكلية تماما ؟؟!!
بل إن البساط قدسحب من تحت أرجلها وحلت محلها الإدارة الإقليمية ؟؟!!بعد ان تم تغييب دور المستشارين الجهويين ولم يوضعوا في الظروف المادية والمعنوية التي تمكنهم من مزاولة مهامهم كجهاز تداولي وتنموي في الجهة ؟!!!
علما أن القانون يقول ان الجهة مسؤولة عن التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعلمية في مجال اختصاصها الترابي الذي يتطابق مع حدود الدائرة الإدارية للولاية؟
يقول القانون النظامي المنشئ للجهات وهو القانون رقم010الصادر بتارؤخ 12فبراير سنة2018..
إن الجهة مجموعة اقليمية تتمتع بالشخصية الإعتبارية والإستقلالية المالية..
ومن اجل ممارسة اختصاصاتها تتمتع الجهة بميزانية خاصة بها وعمال وموظفين وبمجال جغرافي خاص بها وتتطابق الحدود الإقليمية لها مع حدود الدائرة الإقليمية للولاية، وتتمثل مهمة الجهة في تطوير التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعلمية داخل مجال اختصاصها، وتشمل اختصاصات الجهة المجالات التالية...
البيئة وتسيير الموا رد الطبيعية
التخطيط والإستصلاح الترابي..
الإستثمار والسياحة
التعليم والتكوين المهني ومحو الامية
الصحة والعمل الإجتماعي..
الثقافة والشباب والرياضة والترفيه
المياه والصرف الصحي القاعدي
التخطيط والإيتصلاح الترابي...
ورغم هذه الصلاحيات والإختصات المنصوصة الذاتية والمحالة والمشتركة ؟
ورغم التكاليف الكبرى التي تكلفتها الدولة في الجهات ورغم التوجهات الصريحة التي اعطاها فخامة رئيس الجمهورية في هذا المجال ورغم دعم وزير الداخلية واللا مركزية لللا مركزية وحرصه على تجسيد توجهات الرئيس فإن الإدارة الإقليمية مازالت تصر على تمييع اللامركزية من خلال ابعاد الجهات عن مجال اختصاصها التنموي ؟؟؟
وعدم جعل المستشار الجهوي الذي يحمل اصوات ولاية في درجة عمدة يحمل اصوات بلدية واحدة ؟؟!! ومازالت الجهات إلى الآن غير ممثلة في اللجان الجهوية للتنمية ؟ التمثيل الذي يتناسب ومكانتها ؟ بل ان هذه اللجان لا مبرر لوجودها أصلا مادامت لدينا جهات منتخبة مهمتها الاساسية هي التنمية الجهوية ؟
نعم كان بالإمكان تطعيم وتدعيم الجهات والمجالس الجهوية بخبرات وكوادر فنية وإدارية من الإدارة الإقليمية والجهوية لكن ان تحل محلها وتطردها من مجالها التنموي الذي انتخبت من اجله فذالك مالايمكن فهمه خارج إلغاء دور الجهات ؟؟!!!؟
صحيح ان قطاعات وزارية تعاطت ايجابيا مع الجهات مثل المندوبية المكلفة بالتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء التآزر، ووزارة المياه والصرف الصحي، ووزارة الزراعه إلا ان السمة العامه هي اصرار الإدارة الإقليمية على تعطيل مشروع اللامركزية في موريتانيا من خلال تجاوز الجهات وتهميشها وتهميش 285مستشارا جهويا يحمل اصوات ولاية بأسرها وينظر إليه دون مرتبة عمدة لا يحمل اصوات اكثر من بلدية ؟؟!!! وكأن حجم التمثيل الشعبي ليس له اي اعتبار ؟؟!! الأمر الذي عطل الجهات وشلها عن ممارسة دورها التنموي الذي انتخبت من اجله بسبب اصرار الإدارة الإقليمية على مركزة ومركزية!
كل شيئ وكأنها تعيش في الإتحاد السوفيتي في عهد استالين او في كوبا في عهد كاسترو او في رومانيا في عهد اتشاو سيسكو؟؟!!!
وانطلاقا من كل ماسبق وتأسيسا عليه واحتراما للإرادة الشعبية التي انتخبت مجالس جهوية للتنمية فقد آن الأوان لتفعيل الجهات لتمارس صلاحياتها الذاتية والمحالة من اجل التنمية الجهوية وجعل المستشار الجهوي في موريتانيا مثل نظرائه في دول الجوار تونس المغرب سينغال مالي ساحل العاج؟
سيدي الخير الناتي