إعلان

تابعنا على فيسبوك

الحق والباطل../ الكنتي

اثنين, 21/10/2024 - 10:37

في فتنة الربيع كثرت الفتاوي والمفتون.. علماء "أجلاء" حرضوا على النفير إلى سوريا للجهاد بالمال والنفس. كفروا حكاما مسلمين وانغمسوا في حروب أهلية أذكوها بالتحريض. وعدوا شبابا غضا بأنهار من خمر، وحور عين بعدد نجوم السماء. لم يتركوا فضائية إلا ظهروا عليها مستظهرين كل "الأدلة" النقلية والجدلية على وجوب الجهاد ضد الظلمة، وأن الأمة تأثم كلها بتركه.. شرّعوا دمار بلدان إسلامية، وذبح مسلمين بدم بارد؛ يذبح الأخ أخاه، ويطلق النار على والده طمعا في وعد بالجنة من شيخ معمم يدعي إرث الأنبياء...

وفي ظلام الفتنة لم ينتبه أحد إلى أن هؤلاء الشيوخ المحرضين على النفير لم يكن أي منهم قدوة في شخصه ولا في عائلته. بل إن القرضاوي رأس الفتنة، حين سجنت ابنته اعتذر عنها بأنها "لم تشارك في أي مظاهرة"، وهو الذي حرض رجال ونساء المسلمين على التظاهر ضد حكامهم، بل وقتلهم...

لم يشارك ولد الددو، ولا الريسوني، ولا عائض القرني، ولا داغستاني، ولا العريفي، ولا الجفري، ولا أي واحد من مجلس أمناء الاتحاد العام لعلماء المسلمين في الجهاد الذي دعوا إليه بحماس منقطع النظير. ولم يرسل أي منهم أحد أبنائه ليفوز بالشهادة، ويظفر بحور العين، ويشفع في سبعين من أهل بيته.. أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم.

نعم، رغبوا بأنفسهم وأبنائهم عن الجهاد في سبيل الديمقراطية والحرية، والانتخابات الشفافة النزيهة. كانت فتاويهم مدفوعة الثمن فإذا "استشهدوا" من سيقبض الثمن؟ دعوا إلى باطل لذلك لم ينغمسوا فيه إلا بقدر ما يستفيدون منه.

على الطرف النقيض من الباطل كان حسن نصر الله وهو شاب يمتشق سلاحه في مواجهة العدو الصهيوني، وحين تقدم به العمر عهد بسلاحه لابنه ووضعه على خط النار لينال الشهادة. ورفض السيد استلام الجثمان الطاهر في صفقة منفردة. قدم السيد القدوة بنفسه، وأهل بيته. على نفس الدرب الجهادي سار قادة حماس منذ يحيي عياش، وصلاح شحادة، وإسماعيل أبو شنب، وأحمد ياسين على كرسيه المتحرك، وانتهاء بأبي إبراهيم.. كلهم، من القادة السياسيين والعسكريين نظروا للجهاد ومارسوه. تسابقوا إلى الشهادة لاعتقادهم الجازم أنهم يخوضون جهادا حقيقيا. أوفوا بالتزاماتهم في العقد الذي يربطهم بخالقهم: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة...

إن قتل أبو العبد والضيف وأبو إبراهيم، وغيرهم من القادة وقود لابد منه لاستمرار شعلة الجهاد متقدة ضد الصهاينة. فالجود بالنفس أقصى غاية الجود، وهو البرهان الأسمى على صدق الالتزام بالمبادئ التي يحرض الانسان غيره عليها. كان النبي صلى الله عليه وسلم يخوض المعارك بنفسه؛ انتصر وكان لأعدائه نصيب، شج جبينه، وكسرت رباعيته، وفقد عمه، وأعز صحابته.

سيفي الله بوعده بالنصر، ومن أوفى بعهده من الله. وسيحفظ الله أرواح شهداء طوفان الأقصى كما حفظت أرواح شهداء "بلاط الشهداء"، وكل شهدائنا الخالدين في حواصل الطير الخضر. وستحفظ الأمة أسماء دعاة الفتنة وجهاد النكاح مع أبي رغال، وابن سلول في قمامة التاريخ، وسيهلكون كما هلكا؛ مجللين بالعار.

د. اسحاق الكنتي