إعلان

تابعنا على فيسبوك

من وجوه المقلومة.. الرئيس المجاهد عليّ ولد المراكشي السباعي

اثنين, 25/03/2019 - 06:56

هو الرئيس المجاهد عليّ، بن المراكشي، بن مسكه، بن سيدي عبد الله، بن الحاج امحمد، بن الحاج أحمد، بن امحمد، بن الحاج، بن سيدي أحمد الشهير بأدميس، بن عبد الوهاب، بن عبد المنعم، بن سيدي عمارة، بن إبراهيم، بن أعْمُر، بن الولي الصالح عامر الهامل المكنى بأبي السباع الإدريسي الحسني. وينتسب المجاهد عليّ بن المراكشي إلى فخذ أهل سيدي عبد الله (بطن أهل مسكه) المشهور في قبيلة أولاد أبي السباع.

أما والدته فهي اصْديـﮕـه بنت أحمد بن إبراهيم من أولاد تَـﮕـدِّي من قبيلة أولاد دليم الحسانية.
كان عليّ ولد المراكشي من أبرز رجالات منطقته فضلا وفقها، وورعا، وكان قائدا عسكريا شجاعا، ومجاهدا بارزا، واقفا عند حدود الله، ناصرا للمظلوم، قويا على الظالم، متحريا الصدق في كل أقواله وأفعاله، صاحب رأي محنك حصيف، من أهل الكرم والنجدة رحمه الله. كما كان سيدا ورئيسا في قومه أهل سيدي عبد الله.
ـ المعارك التي قادها المجاهد عليّ ولد المراكشي:
في سنة 1904م قامت جماعة من أولاد أبي السباع بسلسلة من الهجمات على الوحدات العسكرية الموجودة ببعض المراكز في الترارزة، يقول النقيب غاستون دوفور (Gaston Dufour): «خلال أشهر مارس وإبريل ومايو [1904م]، جابت عصابة من أولاد أبي السباع يقارب عددها الـ 150 رجلا، الترارزة السفلى [الغربية]. وكان هؤلاء يظهرون بدرجة خاصة من الخطورة لأنهم برهنوا على قدر من الشجاعة ولأنهم كانوا أول بيضان حصلوا على أسلحة سريعة الرمي». ويقول الرائد جيلييه (Gillier): «واتسمت سنة 1904م بسلسلة من المعارك كنا خلالها في مواجهة أولاد أبي السباع المحاربين المشهورين والمسلحين جيدا بفضل البنادق التي كان تجارهم يهربونها من سان لويس (Saint-Louis)»[].
وذكر الأستاذ الطالب أخيار بن الشيخ مامينا أن جماعة أولاد أبي السباع التي خاضت هذه المعارك كانت تحت قيادة كل من عليّ ولد المراكشي، ومحمد المختار ولد إبراهيم ولد غدة. ومن أهم هذه المعارك نذكر ما يلي:
ـ الهجوم على التاﮔـلالت (24 ذو الحجة 1321هـ/ 12 مارس 1904م):
يقول النقيب غاستون دوفور: «قبيل انبلاج صباح الثاني عشر من مارس [1904م]، تعرض الرقيب فيليب (Philippe) ـ وهو قائد مفرزة من الرماة المحمولة على الجمال من حامية أخروفة ـ لهجوم قرب التاﮔـلالت، نفذته مجموعة من أولاد أبي السباع. فر العدو بعد قتال شديد، حاملا معه كثيرا من الجرحى وتاركا على الميدان قتيلا واحدا. أما خسائرنا فكانت قتيلين وجريحا، ثلاثتهم من الرماة».
يقول عن هذه المعركة الرئد جيلييه: «وفي 12 مارس [سنة 1904م] تمت مهاجمة فصيلة يقودها الرقيب فيليب من طرف (200) من أولاد أبي السباع والرحاحلة عند التاﮔـلالت بين سهوت الماء وأخروفة. ودحر العدو مع الخسارة، وقتل منا قناصان وجرح واحد».
ـ معركة سهوت الماء (28 ذو الحجة 1321هـ/ 16 مارس 1904م):
يقول النقيب غاستون دوفور: «في السادس عشر مارس [1904م]، أنذر النقيب ديهالد (Duhalde) حاكم سهوت الماء بوجود مجموعة من النهابين في مخيم من تجكانت على بعد كيلومترين من المركز. أسرع النقيب إلى المخيم ومعه عشرون من الرماة، تاركا رقيبا أوربيا وعشرة رجال لحراسة المركز.
بعد نصف ساعة من تجازوه مخيم تجكانت، أدرك ديهالد (Duhalde) الغزي يسوق ما نهبه. استدار أولاد أبي السباع وكانوا 150 رجلا وفتحوا نيرانا عنيفة قتلت راميين وجرحت ثالثا ثم أخذوا يناورون لتطويق المفرزة. اضطر النقيب ديهالد إلى التراجع سريعا، فتمكن من التملص إلا أن راميا ثالثا قتل أثناء هذه الحركة كما جرح رقيب إفريقي. رجعت القوة الصغيرة إلى المركز بعد أن أجبرت على ترك جثتيْ رجلين وسلاحيهما.
تم تعزيز حامية سهوت الماء بعيد هذا الحادث، بمفرزة قادمة من سان لويس (أندر) يقودها الملازم الأول روسفلدر (Rosfelder).
يقول الرائد جيلييه: «وبعد ذلك بقليل (يقصد بعد معركة التاﮔـلالت) شعر النقيب ديهالد (Duhalde) المقيم بسهوت الماء بنبأ اقتراب غارة من 200 رجل من أولاد أبي السباع، فتهيأ لملاقاتهم بـ 15 من القناصة. وبالرغم من عدم التكافؤ العددي فقد خاض المعارك بصبر، وقتل ثلاثة من القناصة وجرح اثنان، وانسحب النقيب إلى المركز. ولما علم النقيب فريرجان (Frèrejean) بهذه الأحداث غادر نواكشوط وتمادى في ملاحقة المهاجمين الذين صعدوا إلى الشمال بعد هجومهم على سهوت الماء، وتمكن من اللحاق بالعناصر المتأخرة منهم وكبدهم بعض الخسائر».
ـ معركة النيملان (1906م):
كان للمجاهد علي ولد المراكشي دور بارز في معركة النيملان بتـﮕـانت سنة 1906م، فقد كان رحمه الله من أبرز قادة أولاد أبي السباع المشاركين في هذه المعركة إلى جانب قاضي أولاد أبي السباع محمد يحظيه بن عبد الباقي الحسنيK والفقيه الحبيب بن السمان السباعي رحمهم الله ، وغيرهم.
ـ دور عليّ ولد المراكشي في إيواء أولاد أبي السباع للمجاهدين:
لعبت قبيلة أولاد أبي السباع المقيمة في إنشيري دورا كبيرا في استضافة جموع المهاجرين ومساعدتهم وهذا ما جعل الفرنسيين يصفونهم بأنهم أصبحوا يشكلون خطرا على التوغل الفرنسي في المنطقة باستضافتهم لأشخاص مثل الأمير أحمد سالم ولد اعْلِي، وكذلك الزعيم الشهير مولاي ولد أحْمَيَّادَه وآخرين، حيث كانوا يستقبلون من قبل زعماء هذه القبيلة كالشيخ سيدي امبارك ولد أحمد بابه، والرُّوَيْشِـﮓ ولد الشيخ المختار، وعليّ ولد المراكشي، وكمال ولد ابَّاها، ومحمد الشيخ ولد شاش، وإبراهيم ولد الحاج ولد غَدَّه، وغيرهم من كبراء القبيلة.
1ـ إيواء أمير الترارزة أحمد سالم ولد أعْلِي:
كانت للزعيم عليّ ولد المراكشي علاقة صداقة قوية مع أمير الترارزة أحمد سالم ولد أعْلِي الشهير بـ "بيَّادَه" وبفضل هذه العلاقة استطاع عليّ ولد المراكشي استمالة أربع فصائل من أولاد أبي السباع لدعم الأمير أحمد سالم الذي تنصل من اتفاقيته مع كوبولاني، ولجأ إلى الشمال لدى أولاد أبي السباع، وأعلن الحرب على المستعمر، وقد قدم عليهم في تابْرَنْكُوت بإنْشِيرِي، وكانت هذه الفصائل الأربع وهي: أهل سيدي عبد الله، أهل الحاج عبد الله، أولاد عزوز، الدميسات، تتوفر على 75 مدفعا من مدافع الطلق السريع المعروفة محليا بـ "الوروار".
وعندما علم أحمد سالم بوصول الفرنسيين إلى طرفاء المنصور ضرب طبل الحرب وجمع قواه في آكْرَيْدِيلْ شمال شرقي نواكشوط على بعد يوم من المسير. كان ينوي الهجوم عليّهم منتهزا فرصة تفرقهم إلى عنصرين، ولكن هذا الهجوم تم تأجيله بسبب خلاف داخلي حصل بين أنصار الأمير أحمد سالم. فقد رفض بعضهم الانقياد وانسحب الأمير إلى الشرق محاولا اجتذاب مناصري ولد سيدي الذي كان يجمع الكثير من المناصرين إلى جانبه، وأخيرا اتجه إلى الجنوب للالتحاق بصهره أمير البراكنة الذي كان في حرب مع الفرنسيين.
تخلي جل أنصار الأمير السابق أحمد سالم ولد أعْلِي من أولاد أبي السباع، ولم يبق معه منهم سوى أهل سيدي عبد الله، وهم فصيلة عليّ ولد المراكشي التي كانت تحت قيادته. ثم جاءت بعد ذلك أنباء أخرى تؤكد أن الأمير السابق تخلي عنه جل مناصريه ولم يبق معه إلا أقاربه وخيام عليّ ولد المراكشي الثلاث.
وجاءت معلومات تفيد أن أولاد أبي السباع انفصلوا عن الأمير السابق أحمد سالم مؤقتا وأنه فر هو ورجاله في نفس اليوم في اتجاه آكريديل على بعد يوم من المسير إلى الشمال من اندومري في منطقة لا ماء فيها، وجزء كبير من قطعانه مات بسبب العطش خلال الهرب، ونظرا إلى حالة التعب التي يعيشها الرتل قرر الفرنسيون أنه ليس من الحزم متابعته مطاردته.
2ـ إيواء مولاي ولد أحْمَيَّادَه العلبي:
كان مولاي ولد أحْمَيَّادَه قبل هجرته قد أعلن عن خضوعه للإدارة الفرنسية بعيد خضوع أحمد سالم ولد اعْلِي أمير الترارزة وغيره من أعيان الترارزة، وعندما ساءت العلاقات بين الأمير وإدارة الاحتلال، بدأ مولاي يغير موقفه، وجرت اتصالات بينه وبين الأمير أحمد سالم. علم كوبولاني بموقف مولاي وأراد أن يشعلها حربا، فأخبر سيدي ولد محمد فال الذي سبق أن أعلن خضوعه، وهو المنازع البارز للأمير أحمد سالم، أنه يريد أن يبعث سرية لتأديب مولاي حتى يرجع عن موقفه، وطلب منه، كي يبرهن على صدقه، أن يدعم هذه السرية في الغارة على مولاي ولد أحْمَيَّادَه الذي بلغهم انه يحرض الناس على الهجرة، وقد تأكد ذلك عندهم، عندما تنقل فرع أهل سدوم من العلب الشرقيين ونزلوا على مولاي ولد أحْمَيَّادَه قصد الهجرة. وافق سيدي على هذا الطلب وتمت الغارة على مولاي عند بئر أﮜننت ضحى وخلال اشتباك خاطف قتل فيه إبراهيم ولد منظوم كما قتل ولد كورني من جماعة مولاي، وبعيد هذه الغارة اضطر مولاي إلى النزوح إلى الشمال، غضبا من تصرف سيدي معه، فكان ذلك من أسباب هجرته.
هاجر مولاي إلى أولاد أبي السباع في إنشيري وطلب منهم العون لمواجهة الفرنسيين، والتقى برؤسائهم: عليّ ولد المرَّاكْشِي، والسِّيِّد ولد بابه ولد الحْرَيْطَانِي، وكمال ولد ابَّاها، ومحمد الشيخ ولد شاش، وإبراهيم ولد الحاج ولد غَدَّه، الذي مات بعد ذلك، يوم فشت، وهم نفس الرؤساء والأعيان الذين استقبلوا الأمير أحمد سالم.
اشترك مولاي في عدة غارات مع أولاد أبي السباع على الوحدات الفرنسية في الترارزة وامضي ما يقرب من ثلاث سنين مع أولاد أبي السباع، ثم عاد إلى موطنه بالترارزة بعد هجرة سيدي ولد محمد فال، بطلب من الشيخ سعد بوه الذي أخذ له الأمان من الفرنسيين. وبعد أن أعلن خضوعه لهم استدعته السلطات الاستعمارية إلى سهوت الماء وبعد أيام قليلة من توقيفه، توفي في ظروف غامضة وصلى عليّه الشيخ أحمد بنبا الذي كان في إقامة جبرية آنذاك.
ـ استسلام عليّ ولد المراكشي:
شاركت أولاد أبي السباع في بعض معارك المقاومة في بداية الاحتلال من سنة 1903م إلى سنة 1909م. ثم بدأوا في إعلان استسلامهم، فجاء إلى نواكشوط عضوان من جماعة الدميسات تتبعهم عشرون (20) خيمة و110 بندقية وطلبوا الأمان في 7 يوليو سنة 1909م، ويرافقهم بعض أتباعهم الذين يستاقون الكثير من القطعان، وقد منح لهم الأمان حسب الشروط التالية:
ـ تسليم الأسلحة من طراز 1886 و1892؛
ـ دفع مساهمة في الحرب تقدر تقريبا بـ 1 على 10 من الإبل؛
ـ دفع ضريبة سنوية تقدر بـ 1 على 40 من قطعانهم.
وبعد قبول هذه الشروط، جاء عدد كبير من مخيمات أولاد أبي السباع إلى نواكشوط في ديسمبر 1909م، تحت قيادة الشيخ سيدي مبارك ولد أحمد بابه الدميسي.
في نفس الفترة (يناير 1910م)، أعلن فخذ أهل سيدي عبد الله عن استسلامه في آدرار تحت قيادة رئيسه عليّ ولد المراكشي.
وكانت هذه الأفخاذ مسلحة، في ذلك الوقت، بالبنادق من طراز 1874 (Modèle 1874) ومارتيني هانري (Martini Henry)، وتملك أيضا كمية كبيرة من الذخيرة الألمانية والأسبانية، وهذه التفاصيل لها أهميتها، ثم نزلوا بين نواكشوط وروصو.
وقد حدث هناك نوع من التردد أثناء تأسيس القيادة الأهلية، إلا أن الأفخاذ انقسمت بين سيدي امبارك وعليّ ولد المراكشي، فقد اختار الدميسات سيدي امبارك باعتباره واحدا منهم، ولأن أسرته لها تقاليد في تقديم شيوخ الفخذ، أما الآخرون فقد اصطفوا تحت قيادة عليّ ولد المراكشي الذي جذبت له قيمته الشخصية ودماثة أخلاقه الكثير من التعاطف. ثم بعد ذلك، انقسمت الأفخاذ حسب رغبتها، بين الترارزة وآدرار، وحصلت كل منها على شيخها الخاص بها.
ـ وفاته ومكان قبره:
.توفي عليّ ولد المراكشي ـ رحمه الله ـ سنة 1348هـ/ 1928م، ودفن ـ حسب الدكتور محمد الحسن ولد محمد المصطفى ـ عند موضع امْبَيْزِي في العَرْيَة جنوب إِدِينِي بالترارزة بحوالي 35 كلم. وذكر لي نجله أحمد ولد عليّ أنه توفي بأﮔنَنْتْ ثم نقل منه إلى حاسي اتْوِيدِرْمِي حيث دفن هناك.
الورقات أعدها: الباحث مولاي إدريس ابن البخاري السباعي