إعلان

تابعنا على فيسبوك

ولد العربي يكتب عن تجربة الإسلاميين في مصر والسودان وتونس

أحد, 27/12/2020 - 19:24

"هناك كلام ينطوي على مغالطة وتلبيس على الشباب الذين ولدوا بعد سنة 1989.. من يقرأ كتابات " الإسلاميين " اليوم ، و بخاصة الإخوان المسلمون، عن الاستبداد السياسي و عن حسنات الديموقراطية و الاحتكام لصناديق الاقتراع ، و قرأ لهم هذا الكم الهائل من النقد للاستبداد السياسي و للدكتاتورية، يحسب أن تيار الإسلام السياسي ، و الإخوان، قد تأسسوا تيارا سياسيا ديمقراطيا في منطلقاته النظرية ، و في نظريته لحكم الشعوب.

و الواقع أن هذا التيار تأسس أول ما تأسس تيارا دعويا صوفيا إصلاحيا اجتماعيا، قبل أن يتحول في بنيته النظرية ، و التنظيمية تبعا لذلك، حركة سياسية قائمة على الاستبداد المنصوص و الموصوف في مبادئها من منطلق أن الحاكمية لله، و لم يكن للشعب و الإقتراع نظر و لا أمر في من يحكمه، لأن ذلك ليس من صلاحيته و لا من مصالحه، و إنما أولي العلم ( رجال الدين ) هم من يعود إليهم أمر الحكم و السياسة و التدبير على الرعية نيابة عن الله في الأرض، بوصفهم خلفاؤه فيها و ورثة أنبياء و رسله إلى عباده.

و ظل الأمر على هذه الحال حتى 1989، حيث جرت مراجعة هذه البنية النظرية ، خاصة في شقها السياسي ، في ندوة بالكويت.

و على إثر الخلاف الذي تفجّر خلال تلك المراجعة ، ظهرت حركات منفصلة عن حركة الإخوان المسلمون، و هي الحركة الأم ؛ و ستكون منها لاحقا حركة القاعدة، حزب التحرير، و الجهاد... و صولا لداعش !

ثانيا، على مستوى التطبيق و الممارسة ، تولى الاخوان المسلمون السلطة في السودان، و لم يعطوا مثالا يبهر في مجال حسن الحكامة و لا الديموقراطية لا على المستوى الثقافي و القيمي ( التسامح و إصلاح ذات البين و حل النزاعات المسلحة بين السودانيين) ، و لا على المستوى الإجرائي (التبادل السلمي على السلطة ، و احترام نتائج الاقتراع و عدم تزوير النتائج و عدم استخدام قوة الدولة العمومية في ظلم الخصوم ... ) .

و عند عبورهم لكرسي السلطة بمصر ، نجحوا بتألق في تأليب كل القوى عليهم لما أبدوه من شهية للسلطة وشهوة مجنونة للاستئثار بكل شيء !

و في تونس، وصلوا للسلطة و لم يستطيعوا أن يؤسسوا ثقافة الديموقراطية و قيمها الناعمة ، عندما اكتشف شركاؤهم مليشيات مسلحة، موازية للقوة العمومية ، تابعة لحركة النهضة تتولى إرهاب الشركاء و تصفية رموزهم، عند الاقتضاء؛ و قد تمت تصفية قيادات سياسية بارزة في تونس بسبب مواقفها من حركة النهضة ! أما في المغرب، فقد ظهر ، لمن لم تكن له بصيرة، أن الجماعة مكون أصيل من ثقافة المخزن و أنها إحدى التوقيعات للظهير الملكي ...

خلاصة القول، إنه ينبغي على إخوتنا من الإخوان المسلمون حين يكتبون عن الاستبداد و الديكتاتورية و الديموقراطية و بإفراط في نقد الأنظمة القومية، التي استعانوا بالأمريكيين على إسقاطها، استحضار التاريخ ، فكرا و ممارسة، و استحضار الواقع الماثل، فذلك أدنى لتجنب الإحراج حاضرا و مستقبلا، كما هو حاصل الآن في موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني...".

من صفحة محمد الكوري ولد العربي