اود بداية أن اتوجه اليكم سكان مدينة وادان بأجزل عبارات الشكر على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الوادانية الاصيلة كما اتقدم بوافر الترحيب إلى كل ضيوفنا شاكرا لهم تجشم عناء السفر لمشاركتنا الاحتفاء بمدائن تراثنا الثقافي العريق.
أيها السادة والسيدات
تشكل مدينة وادان بحكم إشعاعها الثقافي التاريخي وعمرانها الفريد ومكتباتها الزاخرة بالمخطوطات النفيسة كنزا تراثيا نادر النظير.
لقد استطاعت هذه المدينة على مدى حقب متتالية أن تكون مركزا اقتصاديا نشطا وجسرا واصلا شمال إفريقيا بجنوب الصحراء الكبرى ومصدر إشعاع حضاري واسع الانتشار بفضل عبقرية علمائها وعلو هممهم وغزارة علمهم وكذلك بفضل القدرات الإبداعية الفائقة لأبنائها القائمين على مختلف الخدمات من صناعة تقليدية وتنمية حيوانية أو زراعية وتشييد عمراني وغير ذلك.
فهذه الفئات هي التي مكنت من قهر الظروف الطبيعية القاسية، ولولا جهودها الاسطورية ما تشكلت المدينة أصلا وما استطاعت البقاء والصمود في وجه عاديات الزمن لنرتقي بها اليوم تراثا نفيسا.
وإن مما يحز في نفسي كثيرا ما تعرضت له هذه الفئات في مجتمعنا تاريخيا من ظلم ونظرة سلبية مع أنها في ميزان القياس السليم ينبغي أن تكون على رأس الهرم الاجتماعي فهي في طليعة بناة الحضارة والعمران وهي عماد المدنية والابتكار والانتاج.
ولقد أن الاوان أن نطهر موروثنا الثقافي من رواسب ذلك الظلم الشنيع وأن نتخلص نهائيا من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة وتصادم قواعد الشرع والقانون وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية وتعيق تطور العقليات وفق ما تقتضيه مفاهيم الدولة و القانون والمواطنة.
وإنني من هذا المنبر لأدعو كافة المواطنين الى تجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي وإلى تطهير الخطاب والمسلكيات من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة. كما ادعوهم جميعاً إلى الوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد هذه الايام والمنافي لمنطق الدولة الحديثة ولما يقتضيه الحرص على الوحدة الوطنية وكذلك لمصلحة الأفراد انفسهم ، فليس ثمة ما هو اقدر على حماية الفرد وصون كرامته وحقوقه من وحدة وطنية راسخة في كنف دولة قانون حديثة.
وأود بالمناسبة تشديد التأكيد على أن الدولة ستظل حامية للوحدة الوطنية والكرامة وحرية ومساواة جميع المواطنين بقوة القانون وأيا تكن التكلفة، كما أنها لن ترتب حقا أو واجبا على أي انتماء إلا الانتماء الوطني.
أيها السادة والسيدات
يهدف هذا المهرجان الى الاحتفاء بتراثنا وترقية مدائنه ودعمها بالمشاريع التنموية تثبيتا للساكنة في مواطنها وتحفيزا للصناعات الثقافية والتراثية، وقد كنت التزمت في مدينة شنقيط وكذلك في مدينة وادان بالعمل على ألا يتحول هذا المهرجان إلى هدف في حد ذاته ينتهي أثره بانتهاء فعالياته.
وعملا بمقتضى هذا الالتزام أجرت الحكومة مراجعة شاملة لأساليب وأهداف المهرجان وخصصت تحضيرا للنسخة الحالية منه أكثر من ثلاثة مليارات أوقية قديمة لتمويل مشاريع تنموية متنوعة تساهم في تحسين النفاذ إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم و في فك العزلة ودعم التنمية الزراعية والحيوانية وغير ذلك مما يساهم في ترقية المدينة ومحيطها ويؤسس لتنمية محلية منسجمة مع خصوصياتها التراثية.
وإنني اذ أجدد الشكر للساكنة والضيوف لأعلن على بركة الله افتتاح الدورة العاشرة لمهرجان مدائن التراث متمنيا للجميع التوفيق والنجاح.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".