إعلان

تابعنا على فيسبوك

من القدس العربي إلى القدس القطري

ثلاثاء, 18/09/2018 - 16:24

كانت "القدس العربي" لمالكها الصحفي البارز عبد الباري عطوان أسبوعية عربية ذات مصداقية وانتشار واسع. كنتَ تجد فيها المعلومة الدقيقة والتحليل الرصين، وكان خط تحريرها واضحا في انحيازه المهني إلى قضايا الأمة منورا قراء العربية ومسهما في تكوين رأي عام معاد للإمبريالية وأذنابها في المنطقة... ثم اجتاحتها سموم "الربيع القطري" فنفض عبد الباري يديه منها رغم إغراءات من لا يملكون سوى المال الذي عثروا به بعد عقود من التداوي ببول الإبل والمرابطة ساعات طويلة أمام جحر ضب قد يكون فارغا...

خرج عبد الباري من "القدس العربي" موفور العرض مرفوع الرأس.. نفض يديه من الصحيفة والموقع، وهو يردد.. "إذا وقع الذباب على طعام..." واستلم الذباب الموقع لتنتكس القدس "قطرية". باض الذباب في "الموقع"، بعد أن امتص مصداقيته فتآكلت، وحمل إليه شتى أنواع الجراثيم التي استنبتها في ربيعه القائظ. أمسى الموقع تفريغا لتفطيح الجزيرة. لكن مشكلته أنه استبقى عناوين، كان لها معنى حين كان القدس عربيا، وكان له "رأي" يكتبه رئيس تحرير حسب أصول مقالات الرأي. أما حين أصبح القدس قطريا فقد نقل بأمانة "رأي" الذباب في "سيناريوهات التغيير المقبلة في موريتانيا"...

لقد وفر محرك غوغل، لمن يحسنون القراءة، جل المعلومات في كافة الميادين، بأيسر السبل، فلم يعد مقبولا من وسيلة إعلام، حتى لو كانت مملوكة للذباب، إيراد معلومات خاطئة في مقال يعبر عن رأيها. فالاسم الشائع للرئيس الموريتاني السابق هو سيدي ولد الشيخ عبد الله، ويتندر الموريتانيون حول إضافته إلى محمد، ولم يكن يوما "من المناطق الشرقية".

أما الانتخابات التي يقول القدس القطري عنها.."...كان محمد ولد عبد العزيز مرشحها الوحيد." فيقول عنها غوغل.." طالب المرشحون الأربعة وهم أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير واعلي ولد محمد فال، وحمادي ولد اميمو عقب مؤتمر صحفي مشترك..." ورد هذا في "الجزيرة نت"، إحدى جزر "أرخبيل الذباب". ثم يستمر صاحب "الرأي" في أوهامه القطرية.."... وفي محاولة لتحسين صورة النظام قام الجنرال ولد عبد العزيز مع بداية حكمه بحصر ولاية رئاسة الجمهورية بفترتين رئاسيتين،..." لا يملك الذباب ذاكرة حتى توصف بأنها ضعيفة. فهذه التعديلات الدستورية التي ينسبها "الذباب" إلى نظام ولد عبد العزيز، أقرها السياسيون أثناء المرحلة الانتقالية وأجازها الشعب الموريتاني حين كان العقيد محمد ولد عبد العزيز قائدا لكتيبة الأمن الرئاسي، ولم يكن له نظام يحسنه! والغريب هو إصرار الإعلام القطري ومغذوه بالأباطيل من معارضتنا "المفرطة في وطنيتها"، على السكوت عن الفقرة الثانية من التعديل المتعلقة بمنع من يتجاوز الخامسة والسبعين من الترشح لرئاسة الجمهورية! وهو ما يحرم معارضين "كبار" من الترشح لاستحقاقات 2019.

وتأتِي الطامة الكبرى في المقال المعبر عن رأي "عقوقستان"، حين تستعرض "بائعة الكبريت" معلوماتها "الدقيقة"، المبنية على معرفتها "العميقة" بنظام ولد عبد العزيز، فتسترسل.."... بعد استلامه السلطة أعاد ولد عبد العزيز كبار الجنرالات الموالين له حتى، فاستلم الجنرال مولاي ولد محمد الأغظف، منصب رئيس الوزراء، وانتقل محمد ولد الغزواني من قيادة الحرس الوطني ليستلم منصب رئيس الهيئة العامة لأركان الجيوش،..." آن للشيخ أن يمد رجله! أعاد ولد عبد العزيز "الجنرال مولاي ولد محمد الأغظف..." الذي عزله محمد ولد الشيخ عبد الله... الدكتور مولاي لم يدخل ثكنة قط، وما حمل سكينا، ولديه فكرة ضبابية عن تسلسل الرتب العسكرية... لكن "بائعة الكبريت" إرضاء ل "الأمير الصغير"، وخوفا من "الأمير الوالد" عينته جنرالا، وعزلته، ثم أعادته وزيرا أول! وتحت تأثير "حمى الربيع" "انتقل محمد ولد الغزواني من قيادة الحرس الوطني ليستلم منصب رئيس الهيئة العامة لأركان الجيوش" التي استحدثت بعد ذلك بسنوات! ولم يشغل ولد الغزواني المنصب المنعم عليه به!

سئم "صاحب الرأي" دور "بائعة الكبريت"، فقرر أن "يتنكر"، مثل قادته، في ثياب "بائعة الحليب" التي تدخل الأزقة والحارات، وتعرف كل البيوت... أراد أن يظهر لقرائه، على قلتهم، أنه خبير بالمجتمع الموريتاني، وعلاقاته الأسرية... فهو على دراية تامة بأن.." الشيخ ولد أحمد ولد بايه،... تربطه علاقة عائلية بولد عبد العزيز،..."!!! من أي درجة؟

وضمن "سيناريوهات التغيير المقبلة... يستلم الصغير المبارك رئاسة المجلس الدستوري (وهو من قائمة الحراطين..." من هو، وأين كان، وما هو موقعه في "قائمة الحراطين"؟

كل هذه التخرصات تهدف إلى المساس من قيادتنا الوطنية التي وقفت في وجه "الفتنة القطرية"، وساهمت في إفشالها، وكشفها بصفتها مؤامرة دولية رسم لقطر أخبث الأدوار فيها؛ تدمير الدول العربية ونهب خيراتها... فانتهت قصة "بائعة الحليب"..."فجأة وقعت على الأرض فانسكب الحليب وجلست تبكي بحرقة تحت دوحة عقيم ينحسر ظلها في جزْر لا يعرف المد..." فتبين الذباب صعوبة تقليد "هيتشكوك"، بإسناد أدوار البطولة في الجرائم المعقدة إلى كومبارس لا يتقنون سوى خدمة القواعد الأمريكية والتركية، والترفيه عن الجنود.

سيدي محمد ولد ابه

[email protected]